وانطماس معالمهم وأنوارهم بشيء كان يفنى ففتر، لم يبق من وصفه المقصود منه إلا أثر خاف ورسم دارس، يقال : فتر الشيء - إذا سكنت حدته وصار أقل مما كان عليه وذلك لأنه كان بين عيسى وبين النبي ﷺ ستمائة سنة فسد فيها أمر الناس، ولعله عبر بالمضارع في يبين إشارة إلى أن دينه وبيانه لا ينقطع أصلاً بحفظ كتابه، فكلما درست سنة منح الله بعالم يرد الناس إليها بالكتاب المعجز القائم أبداً، فلذلك لا يحتاج الأمر إلى نبي مجدد إلا عند الفتنة التي لا يطيقها العلماء، وهي فتنة الدجال ويأجوج ومأجوج، ثم علل ذلك بقوله :﴿أن﴾ أي كراهة أن ﴿تقولوا﴾ أي إذا حشرتم وسئلتم عن أعمالكم ﴿ما جاءنا﴾ ولتأكيد النفي قيل :﴿من بشير﴾ أى يبشرنا لنرغب فنعمل بما يسعدنا فنفوز ﴿ولا نذير﴾ أي يحذرنا لنرهب فنترك ما يشقينا فنسلم، لأن الإنسان موزَّع النقصان بين الرغبة والرهبة، وقد كان اختلط في تلك الفترة الحق بالباطل فالتبس الأمر وجهل الحال، لكنه لم يجهل جهلاً يحصل به عذر في الشرك، وسأبينه في أول ص.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٢


الصفحة التالية
Icon