وقيل : ابنه عبد الله بن السائب - والله أعلم ؛ وله عن أبي رجاء - هو العطاردي وهو مخضرم - قال :" كنا في الجاهلية إذا أصبنا حجراً حسناً عبدناه، وإن لم نصب حجراً جمعنا كثبة من رمل، ثم جئنا بالناقة الصفي فنفاج عليها فنحلبها على الكثبة حتى نرويها، ثم نعبد تلك الكثبة ما أقمنا بذلك المكان " وفيه أيضاً إيماء إلى أنه كما خلقكم كلكم من طين على اختلافكم في المقادير والألوان والأخلاق وهو غني عنكم، فكذلك خلق المطعومات على اختلاف أشكالها وطعومها ومنافعها وألوانها من طين، وجعلها منافع لكم وهو غني عنها، وسيأتي التصريح بذلك في قوله :﴿وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء﴾ [الأنعام : ٩٩] المستوفي في مضماره ﴿فكلوا مما ذكر اسم الله عليه﴾ [الأنعام : ١١٨] وفي الآية كلها التفات إلى قوله أول السورة ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام : ١] وقوله في التي قبلها ﴿ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء﴾ [المائدة : ٨١] في أمثالها مما فيه تولي الكفار لغير خالقهم سبحانه وتعالى، هذا لو لم يرد أمر من قبل الخالق كان النظر السديد كافياً في التنزه عنه، كما كنت قبل النبوة لا ألتفت إلى أصنامكم ولا أعتبر للعبادة شيئاً من أنصابكم، فكيف وقد أمرت بذلك! وهو معنى ﴿قل إني أمرت﴾ أي من جهة من له الأمر، ولا أمر إلا له وهو من تقدم أن له كل شيء، وهو الله وحده ﴿أن أكون﴾ أي بقلبي وقالبي ﴿أول من أسلم﴾ في الرتبة مطلقاً، وفي الزمان بالنسبة إلى الأمة.