معروف للإعجاز، وبني للفاعل في السواد :﴿وأوحي إلي﴾ وحقق الموحى به وشخّصه بقوله :﴿هذا القرآن﴾ ولما كان في سياق التهديد قال مقتصراً على ما يلائمه :﴿لأنذركم﴾ أي أخوفكم وأحذركم من اعتقاد شائبة نقص في الإله لا سيما الشرك ﴿به ومن﴾ أي وأنذر به كل من ﴿بلغ﴾ أي بلغه، قال الفراء : والعرب تضمر الهاء في صلات " الذي " و" من " و" ما ".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٩٩
وقال البخاري في آخر الصحيح :﴿لأنذركم به﴾ يعني أهل مكة، ومن بلغ هذا القرآن فهو له نذير علقه بصيغة الجزم عن ابن عباس ووصله إليه ابن أبي حاتم كما أفاده شيخنا في شرحه.
وقال عبد الرزاق في تفسيره : أخبرنا معمر عن قتادة أن النبي ﷺ قال : بلغوا عن الله، فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله.
وقال الإمام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في جواب سؤال ورد عليه سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة في أن النبي ﷺ هل بعث إلى الجن - ومن خطه نقلتُ : الكتاب والسنة ناطقان بذلك، والإجماع قائم عليه، لا خلاف بين المسلمين فيه ؛ ثم أسند الإجماع إلى أبي طالب القضاعي وأبي عمر بن عبد البر في التمهيد وأبي محمد بن حزم في كتاب الفِصَل وغيرهم ثم قال : أما الكتاب فآيات إحداها ﴿نذركم به ومن بلغ﴾ قال محمد بن كعب القرظي : من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي ﷺ، وقال ابن عباس - فذكره، وقال السدي : من بلغ القرآن فهو له نذير، وقال ابن زيد : من بلغه هذا القرآن فأنا نذيره.
وهذه كلها أقوال متفقة المعنى، وقد أمر نبيه ﷺ أن يقول هذا الكلام وأن ينذر بالقرآن كل من بلغه، ولم يخص إنساً ولا جناً من أهل التكليف، ولا خلاف أن الجن مكلفون - انتهى.