وهو متروك، ويؤيد عموم هذه الآية في تناولها الملائكة عليهم السلام قوله تعالى ﴿ليكون للعالمين نذيراً﴾ [الفرقان : ١] وإذا تأملت سياق الآيات التي بعدها مع آخر السورة التي قبلها قطعت بذلك ﴿لينذر من كان حياً﴾ [يس : ٧٠]، ﴿إنما تنذر من اتبع الذكر﴾ [يس : ١١] إذ هم من جملة العالمين وممن بلغه القرآن وممن هو حي وممن اتبع الذكر، والخطاب بالإنذار وارد مورد التغليب، إذ الإنس والجن أهل له، فانتفى ما يقال : إن الملائكة في غاية الخوف من الله تعالى مع عصمتهم فليسوا ممن يخوف، ويزيد ذلك وضوحاً قوله تعالى :﴿ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين﴾ [الأنبياء : ٢٩] ولا إنذار أعظم من ذلك، وإن عيسى عليه السلام من هذه الأمة وممن شملته الآيات الدالة على عموم الرسالة بغير شك، وأن النبي ﷺ قال :"والذي نفسي بيده! لو كان موسى حياً ملا وسعه إلا اتباعي" أخرجه الإمام أحمد والدارمي والبيهقي في الشعب عن جابر رضي الله عنه، ومذهب أهل السنة أن رسل البشر أفضل من رسل الملائكة، وقد ثبتت رسالته إلى الأفضل المعصوم بالفعل لعيسى، وبالتعليق بالحياة بموسى عليه السلام، وقد أخذ الله سبحانه ميثاق النبيين كلهم عليهم السلام إن أدركوه ليؤمنن به، وقد خوطب النبي ﷺ - وهو أشرف الخلق وأكملهم - بالإنذار في غير آية، فمهما أول به ذلك في حقه ﷺ قيل مثله في حقهم عليهم السلام، ومما يرفع النزاع ويدفع تعلل المتعلل بالإنذار قوله تعالى ﴿لتنذر به وذكرى للمؤمنين﴾ [الأعراف : ٢] فخذل مفعول " تنذر " دال على عموم رسالته، وتعليق الذكرى بالمؤمنين مدخل لهم بلا ريب لأنهم من رؤوسهم - عليهم السلام، وقوله تعالى ﴿لتبشر به المتقين﴾ [مريم : ٩٧] إلى غيرها من الآيات، فيكون عموم رسالته لهم زيادة شرف له، وهو واضح، وزيادة شرف لهم بحمل أنفسهم على طاعته والتقيد بما حده لهم من أعمال ملته طاعة لله