﴿لتنذر من كان حياً﴾ [يس : ٧٠] وكذا قوله ﴿هدى للمتقين﴾، وأما السنة فأحاديث : الأول حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه "وأرسلت إلى الخلق كافة"، " إلى الخلق " عام يشمل الجن بلا شك، ولا يرد على هذا أنه ورد في روايات هذا الحديث من طرق أخرى في صحيح البخاري وغيره " الناس " موضع " الخلق " لأنا نقول : ذلك من رواية جابر، وهذا من رواية أبي هريرة ؛ فلعلهما حديثان، وفي رواية الخلق زيادة معنى على الناس، فيجب الأخذ به إذ لا تعارض بينهما، ثم جوز أن يكون من روى " الناس " روى بالمعنى فلم يوف به، قال : وهذا الحديث يؤيد قول من قال : إنه مرسل إلى الملائكة ولا يستنكر هذا، فقد يكون ليلة الإسراء يسمع من الله كلاماً فبلغه لهم في السماء أو لبعضهم، وبذلك يصح أنه مرسل إليهم، ولا يلزم من كونه مرسلاً إليهم من حيث الجملة أن يلزمهم جميعُ الفروع التي تضمنتها شريعته، فقد يكون مرسلاً إليهم في بعض الأحكام أو في بعض الأشياء التي ليست بأحكام، أو يكون يحصل لهم بسماع القرآن زيادةُ إيمان، ولهذا جاء فيمن قرأ سورة الكهف : فنزلت عليه مثل الظلة، ثم قال في أثناء كلام : بخلاف الملائكة، لا يلتزم أن هذه التكاليف كلها ثابتة في حقهم إذا قيل بعموم الرسالة لهم، بل يحتمل ذلك ويحتمل في شيء خاص كما أشرنا إليه فيما قبل - انتهى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٩٩


الصفحة التالية
Icon