ولما ذكر ما يتعلق بالسمع، ذكر ما يظهر للعين، معبراً بما يعم السمع وغيره من أسباب العلم فقال :﴿وإن يروا﴾ أي بالبصر أو البصيرة ﴿كل آية﴾ أي من آياتنا سواه ﴿لا يؤمنوا بها﴾ لما عندهم من العناد والنخوة في تقليد الآباء والأجداد ﴿حتى﴾ كانت غايتهم في هذا الطبع على قلوبهم أنهم مع عدم فقههم ﴿إذا جاءوك يجادلونك﴾ أي بالفعل أو بالقوة، والغاية داخلة، وكأنه قيل تعجباً : ماذا يقولون في جدالهم ؟ فقال مظهراً للوصف الذي أداهم إلى ذلك :﴿يقول الذين كفروا﴾ أي غطوا لما هو ظاهر لعقولهم وهو معنى الطبع ﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أي الذي وصل إلينا ﴿إلا أساطير﴾ جمع سطور وأسطر جمع سطر وهي أيضاً جمع إسطار وإسطير بكسرهما وأسطور، وبالهاء في الكل ﴿الأولين﴾ وقد قال ذلك النضر بن الحارث، فصدق قوله إخبار هذه الآية ﴿وهم﴾ حال من فاعل ﴿يستمع﴾ أي يستمعون إليك والحال أنهم ﴿ينهون عنه﴾ أي عن الاستماع أو عن اتباع القرآن ﴿وينأون﴾ أي يبعدون ﴿عنه﴾ أي كما وقع لأبي جهل وصاحبيه في المعاهدة على ترك المعاودة للسماع وما يتبعه ﴿وإن﴾ أي وما ﴿يهلكون﴾ أي بعبادتهم ومكابدتهم إلاّ أنفسهم} أي وما هم بضاريك ولا بضاري أحد من أتباعك فيما يقدح في المقصود من إرسالك من إظهار الدين ومحو الشرك وإذلال المفسدين ﴿وما يشعرون﴾ أي وما لهم نوع شعور بما يؤديهم إليه الحال، بل هم كالبهائم، بل هي أصلح حالاً منهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦١٩
ولما جعل عدم إيمانهم في هذه بشيء من الآيات موصلاً لهم إلى غاية من الجهل عظيمة موئسة من ادعائهم في هذه الدار، وهي مجادلتهم له ﷺ، وختم الآية بما رأيت من عظيم التهديد استشرفت النفس إلى معرفة حالهم عند ردهم إلى الله تعالى والكشف
٦٢٢


الصفحة التالية
Icon