لهم عما هددوا به، فأعلم نبيهم ﷺ أن حالهم إذ ذاك الإيمان، حيث يسر غاية السرور تصديقهم له، وتمنيهم متابعته لما يركبهم من الذل ويحيط بهم من الصغار، ولا يزيدهم ذلك إلاّ ضرراً وعمى وندماً وحسرة، فكأنه قيل : فلو رأيت حالهم عند كشف الغطاء - وهو المطلع - لرأيتهم يؤمنون :﴿ولو ترى إذ﴾ أي حين ﴿وقفوا﴾ في الحشر، وبني للمجهول لأن المنكىّ الإيقاف، لا كونه من معين ﴿على النار﴾ أي عندها ليدخلوها مشرفين على كل ما فيها من أنواع النكال، وذلك أعظم في النكاية أو على الجسر وهو على الصراط وهي تحتهم، أو عرفوا حقيقتها ومقدار عذابها من قولك : أوقفته على كذا - إذا عرفته إياه ﴿فقالوا﴾ تمنياً للمحال ﴿يا ليتنا نرد﴾ أي إلى الدنيا.
ولما كان التقدير بشهادة قراءة من نصب الفعلين - جواباً للتمني - أو أحدهما : فنطيع، عطف على الجملة قوله :﴿ولا﴾ أي والحال أنا لا، أو ونحن لا ﴿نكذب﴾ إن رددنا ﴿بآيات ربنا﴾ أي المحسن إلينا ﴿ونكون من المؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان، والتقدير عند ابن عامر في نصب الثالث : ليتنا نرد، وليتنا لا نكذب فنسعد وأن نكون، وعلى قراءة حمزة والكسائي وحفص بنصب الفعلين : ليتنا نرد فنسعد، وأن لا نكذب وأن نكون، والمعنى : لو رأيت إيقافهم ووقوفهم في ذلك الذل والانكسار والخزي والعار وسؤالهم وجوابهم لرأيت أمراً هائلاً فظيعاً ومنظراً كريهاً شنيعاً، ولكنه حذف تفخيماً له لتذهب النفس فيه كل مذهب، وجاز حذفه للعلم به في الجملة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٢٢


الصفحة التالية
Icon