غير ان المعلق في البيت تقديري، وفي الآية تحقيقي، لأنهم أخبروهم أن الله تعالى نهى عن الكفر وامرهم بإنذار كل كافر، فمتى تركوا ذلك لزمهم الكذب حتماً ﴿وما يكون لنا﴾ أي يصح وما يتفق ﴿أن نعود فيها﴾ أى ملكتم.
ولما كان الله سبحانه ان يفعل ما يشاء لا واجب عليه ولا قبيح منه، أشار إلى ذلك بقوله :﴿إلا يشاء الله﴾ فذكر اسم الذات إشارة إلى أن له جميع الحمد لذاته ؛ ثم ذكر صفه الإحسان عياذاً من أن يراد بهم الهوان فقال :﴿ربنا﴾ أي خرق العادة فله ذلك، فهو من باب التذكر للمخاوف والإشراف على إمكان سوء العواقب للصدق في التضرع إلى الله تعالى والالتجاء إليه والاستعاذه من مكره، ولذلك اتى باسم الجلالة الجامع لجميع معاني السماء الحسنى وصفة الربوبية الملتمس بذكرها فعل ما يفعل لمربي الشفيق، فكأنه قال : إن عودنا في ملتكم غير ممكن عادة، والمحال عادة لا يقدر عليه إلا بقدر من الله، بل ولا توجه الهمم إليه، والله تعالى أكرام من ان يعود فيما وهبة لنا من هذا الأمر الجليل، وينزع عنا هذا اللباس الجميل، وهو صريح في ان الكفر يكون بمشيئة الله، بل ولا يكون إلا بمشيئة، وقوله :﴿وسع ربنا﴾ أي المحسن إلينا ﴿كل شيء علماً﴾ زيادة في حث أمته على الالتجاء والتبري من الحول والقوة، أي لا علم لنا بخواتم العمال والعلم لله فهو التام العلم الكامل القدرة، فهذه الجملة كالتعليل للتعليق بالمشيئة قطعاً - لما عساه أن يحدث من طمع المخاطبين في عودخم، كانه قيل : وإنما علقنا العود بالمشيئة لنقص علومنا، فربما كان في سعة علمه قسم ثالث، وهو أن نكون في القرية على ديننا وتكونون انتم أو لا، او توافقوننا على ما نحن عليه، وهكذا
٦٩


الصفحة التالية
Icon