جنانه، وظنوا أن ذلك دأب الدهر وفعل الزمان، واستمروا على فسادهم في حال الشدة والرخاء، سبب عنه قوله :﴿فأخذتهم﴾ أي بعظمتنا أشد الأخذ وأفضعه في الظاهر والباطن ﴿بغته﴾ أي فجأة حتى لا ينفعهم التوبة، وأكد معنى البغت تحقيقاً لأمره بقوله :﴿وهم لا يشعرون*﴾ فحق من سمع هذا أن يبادر إلى الرجوع عن كل مخالفة فيها خوفاً من الأخذ بغته، ولما بين تعالى ما كان قولهم مسبباً له من الأخذ بغته، بين ما كان يكون ضد قولهم مسبباً له من البركات لو وقع بقوله :﴿ولو أن أهل القرى﴾ أي هذه التي قصصنا آخبارها ﴿آمنوا﴾ أي بما أتاهم به رسلهم ﴿لفتحنا عليهم بركات﴾ أي خيرات ثابته لا يقدر أحد على إزالتها ﴿من السماء﴾ أي بالمطر الذي يكون كأفواه القرب وما شبهه ﴿والأرض﴾ بالنبت الغليظ وما قاربه، وقراءة ابن عامر بالتشديد يدل على كثرة تلك البركات ـ وأصل البركة الموظبة على الخير ولما كان الكلام بما أفهمته ﴿لو﴾ في قوة أنهم يؤمنوا عبر بقوله :﴿ولكن كذبوا﴾ أي كان التكذيب ديدنهم وشأنهم، فلذلك لم يصدقوا رسلنا في شيء، ولما كان التكذيب موضع الجلافة والجمود الذي هو سبب لعدم النظر في الدليل، ننن سبب عنه العذاب فقال :﴿فأخذناهم﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿كانوا يكسبون*﴾ أى بجبلاتهم من الأعمال المناسبة لها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧١


الصفحة التالية
Icon