ولما كان ربما قال جاهل : لو جاءهم وهم إيقاظ لأمكن أن يدافعوا! قال : ؛ ﴿أو أمن أهل القرى﴾ أي مجتمعين أو منفردين فأنه لا فرق عندنا في ذلك ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ أي وقت راحتهم واجتماع قواهم ونشاطهم ؛ ولما كانت اليقظة موجبة للحركة، عبر بالمضارع في قوله :﴿وهم ياعبون*﴾ أي يتجدد لعبهم شيئاً فشيئاً في ذلك الوقت، وفيه تقريع لهم بنسبتهم إلى أنهم صبيان العقول، لا التفات لهم إلى غير اللعب.
ولما كان ضلالهم - الذي نسبوا في المر إلى أهله - اشنع ضلال لتضمنه التعطيل وما يجر إليه من الأباطيل، كرر الإنكار عليهم على وجه اشد من الأول فقال مسبباً الأنكار عما أثبت هذا الكلام من العظمة التي لا يتمارى فيها ذو لب :﴿أفأمنوا مكر الله﴾ أي فعله الذي يشبه المكر بأخذ الإنسان من حيث لا يشعر بالاستدراج بما يريد من النعم والنقم ؛ وسبب عن ذلك قوله :﴿فلا يأمن مكر الله﴾ أي الذي لا أعظم منه فلا يرد له أمر ﴿إلا القوم الخاسرون*﴾ أي الذين كانت قواهم سبباً لعراقتهم في الأفعال الضارة والخصال المهلكةولما بان بما مضى حال الكفار مجملاً ومفصلاً، وكان المقصود من ذلك عبرة السامعين، وكان أخذهم بالبأساء والضراء مع إبقاء مهجهم وحفظ أرواحهم وافهامهم بعد إهلاك من قبلهم في بعض ما لحقهم من ذلك وإيراثهم الأرض من بعدهم حالاً يكونون بها في حيز من يرجى منه الخوف المقتضى للتضرع والعلم قطعاً بان الفاعل لذلك هوالله، وأنه لو شاء لأهلكهم بالذنوب او غطى أفهامهم بحيث يصيرون كالبهائم لا يسمعون إلا دعاء ونداء، ى فسماعهم حيث لا فهم كلا سماع، فجعلوا ذلك سبباً للامن ؛ أنكر عليهم ذلك بقوله ﴿أفامن﴾ إلى آخره ؛ ثم أنكر عليهم عدم الاستبدال على القدرة فقال عاطفاً علىلأ ﴿أفامن﴾ :﴿أولم يهد﴾ أي يبين أخذنا الأمم الما ضية بالبأساء والضراء ثم إهلاكهم إذا لميتعظوا ﴿للذين يرثون الأرض﴾ واظهر موضع الإضمار تعميياً وتعليقاً للحكم بالوصف وإشارة إلى بلادتهم لعدم البحث عن


الصفحة التالية
Icon