ولما خيلوهم حتى أوقفوهم عما فهموا عنهم من المبادرة إلى المتابعة بادعاء أنه ساحر ؛ نفروهم من ذلك وخوفوهم بأنه يريد أن يحكم فيهم قومه الذين كانوا عبيداً لهم ويزوحهم من ديارهم التي هي لأشباحهم لأرواحهم بقوله :﴿يريد أن يخرجوكم﴾ أي أيها القبط ﴿من أرضكم﴾ أي هذه التي أثلها لكم آباؤكم وبها قوامكم ؛ ولما كان السياق لبيان فسقهم، أسقط قولهم في الموضع الاخر ﴿بسحره﴾ إفهاماً لعجلتهم في إبرام الأمر في ضره إشارة إلى تغاليهم في الفسق بعلمهم أنه محق وليس بساحر ولما كان المقصود بهذا : فعلى أيّ شيء استقر رأيهم ؟ فقيل : على تاخير المر إلى حشر السحرة للمعارضة، أخبر تعالى، دلالة على أن أصل قول الملأ منه، أنهم أقبلوا عليه مخاطبين له مفلتين من أبلغهم عنه تعظيماً له مسندين المر إليه بقوله :﴿أرجه﴾ أي موسى عليه السلام ﴿وأخاه﴾ أي أخرهما تنفيساً لنا من هذا الخناق إلى وقت ما حتى ننظر في أمرهما ﴿وارسل في المدائن﴾ أي من ملك مصر ﴿حاشرين*﴾ يحشرون لك السحرة ويجمعونهم من كل فج عميق، والحشر : الجمع بكره ﴿يأتوك بكل﴾ ولما كانت دلالة السياق على رغب فرعون أقل مما في الشعراء لما اقتضاه الحال في كل منهما، قرأ الجمهور :﴿ساحر عليم*﴾ أي بالغ العلم في السحر، وفي قرلءة حمزه والكسائي ﴿سحار﴾ زيادة مبالغة أيضاً لما رأوا من قلق فرعون في الجملة، وهذا يدل على أن
٨١


الصفحة التالية
Icon