فيكون أرهب للسحرة ولمن تزلزل بهم من قومه فقال :﴿ثم لأصلبنكم﴾ أي أعلقنكم ممدوة أيديكم لتصيروا على هيئة الصليب أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم ﴿أجمعين*﴾ أي لا أترك منكم أحداً لأجعلكم نكالاً لغيركم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٣
ولما كان حالاً يشوق النفوس إلى جوابهم، استأنفه بقوله :﴿قالوا﴾ أي أجمعون، لم يرتع منهم إنسان ولا تزلزل عما منحه الله به من رتبه الإيمان ﴿إنا إلى ربنا﴾ أي الذي ما زال يحسن إلينا بنعمة الظاهرة والباطنة حتى جعل آخر ذلك أعظم النعم، لا إلى غيره ﴿منقلبون*﴾ أي بالموت انقلاباً ثابتاً لا انفكاك لنا عنه إن صلبتنا أو تركتنا، لا طمع لنا في البقاء في الدنيا، فنحن لا نبالي - بعد علمنا بأنا على حالة السعداء بالموت على أيّ حالة كاتن، أو المراد أنا ننقلب إذا قتلنا إلى من يحسن إلينا بما منه الانتقام منك، ولذلك اتبعوه بقولهم :﴿وما تنقم﴾ أي تنكر ﴿منا﴾ أي فعلك ذلك بنا وتعيب علينا ﴿إلا ان آمنا﴾ أي إلا ما هو أصل المفاخر كلها وهو الإيمان ﴿بآيات ربنا﴾ أي التي عظمت بكونها صادرة عنه ولم يزل محسناً إلينا فوجب علينا شكره ﴿لما﴾ أي حين
٨٥


الصفحة التالية
Icon