ولما انقضى ما أراهم سبحانه من الأفعال الهائلة التي استخلصهم بها من ذلك الجبار، شرع يذكر ما قابلوه به من الجهل به سبحانه وما قابلهم به من الحلم، ثم ما أحل بهم بعد طول المهلة من ضرب الذلة والمسخ بصورة القردة، فقال عاطفاً على قوله " فاغرقناهم في اليم " أو قوله " ثم بعثنا من بعدهم موسى " :﴿وجوزنا﴾ أي قطنا بما لنا من العظمة - وساقه على طريق المفاعلة تعظيماً له، روي أن جوازهم كان يوم عاشوراء، وان موسى عليه السلام صامه شكراً لله تعالى على إنجائهم وإهلاك عدهم ﴿ببني إسرائيل﴾ بعد الآيات التي شاهدوها ﴿البحر﴾ وإنما جعلته معطوفاً على أول القصة لأن هذه القصص كلها بيان لأن في الناس السيىء الجوهر الذي لايغنيه الآيات كما مضى عند قوله :﴿والبلد الطيب﴾ [الأعراف : ٥٨] وبيان قوله ﴿أخذنا أهلها بالبأساء والضراء﴾ [الأعراف : ٩٤] إلى آخرها، ويدل على ذلك - مع ما ابتدئت به القصص - ختمها بقوله ﴿ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآيتنا﴾ [الأأعراف : ١٧٦]وقوله :﴿ولقد ذرأنا لجهنم﴾ [الأعراف : ١٧٩]وحسن موقعها بعد قوله :﴿وتمت كلمت ربك الحسنى﴾ [الأعراف : ١٣٧] لأنه لما قيل ﴿بما صبروا﴾ تشوفت النفس إلى فعلهم حال الرخاء هل شكروا ؟ فبين منهم كفروا تصديقاً لقوله ﴿وما وجدنا لأكثرهم من عهد﴾ [الأعراف : ١٠٢] وما شاكله، وما أحسن تعقيب ذلك - بقوله :﴿فأتوا﴾ أي مروا - بفاء
١٠٣


الصفحة التالية
Icon