التعقيب ﴿على قوم﴾ أي ذمي قوة، قيل : كانوا من لخم ﴿يعكفون﴾ أي يدورون ويتحلقون ملازمين مواظبين ﴿على أصنام لهم﴾ أي لا قوةفيها ولا نفع، فهم في عكفوهم عليها مثل في الغباوة، وقيل : إنها كانت تماثيل بقر، وكان ذلك اول أمر العجل ولما أخبر سبحانه يذلك، علم السامع أنهم بين أمرين : إما شكر وإما كفر، فتشوف إلى ما كان منهم، فأجاب سبحانه من عظيمة وشكرهم لما أفاض عليهم من نعمته إلا ريثما أمنوا من عدوهم بمجاوزتهم البحر وإغراقهم فيه حتى طلبوا إلهاً غيره بقولهم :﴿ياموسى﴾ سموه كما ترى باسمه جفاء وغلطة اعتماداً على ما عمهم من بره وحلمه غير متأدبين بما بهرهم من جلالة حظه من الله وقسمه ﴿اجعل لنا إلهاً﴾ أي شيئاً نراه ونطوف به تقيداً بالوهم ﴿كما لهم آلهة﴾ وهذا منهم قول من لا يعد الإله - الذي فعل معهم هذه الأفاعيل شئاً، ولا يستحضره بوجه ولما كان هذا منهم عظيماً، استأنف جواب من تشوف إلى قول موسى عليه السلام لهم ما هم بقوله :﴿قال إنكم قوم﴾ أي ذوو قيام في شهوات النفوس، وقال :﴿تجلهون*﴾ مضارعاً إشعاراً بأن ذلك منهم كالطبع والغزيرة، لا ينتقلون عنه في ماض ولا مستقبل، واعلم أنه لا تكرير في هذه القصص فإن كل سياق منها لأمر لم يسبق مثله فالمقصود من قصة موسى عليه السلام وفرعون - عليه اللعنة والملام - هذا الاستبدال الوجودي على قوله لآ ﴿وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين﴾ [الأعراف : ١٠٢] ومن هنا تعلم أن سياق قصة بني إسرائيل بعد الخلاص من عدوهم لبيان إسراعهم في الكفر ونقصهم للعهود، واستمر سبحانه في هذا الاستبدال إلى آخر السورة، وامانسب
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٣


الصفحة التالية
Icon