ولما ذكرهم بنعمة إنحاء الأبدان، أتبعها التذكير بأكبر منها إذ كانت لحفظ الأديان وصيانة جوهر الإيمان بما نصب لهم من الشرع الهادي في التوارة، فقال معجباً من حالهم إذ كان في الإنعام عليهم بنصب الشرع الهادي لهم من الضلال واختصاصه نبيهم بمزيد القرب بالمناجاة، وهم في اتخاذ إله سواه، لا نفع فيه أصلاً، ولا يرضى قلب أو عقل أن يعبده، عاطفاً له على ما يبق تعجيبه به منهم في قوله :﴿وجاوزنا ببني إسرائيل﴾ [الأعراف : ١٣٨] ﴿ووعدنا﴾ أي على ما لنا من باهر العظمة ﴿موسى ثالثين﴾ أي مناجاة ثلاثين ﴿ليلة﴾ أي عقبها ﴿وأتممناها﴾ أي المواعدة ﴿بعشر﴾ أي ليال، وذلك لأنه لما مضت ثلاثون ليلة، وهو شهر ذي العقدة فيما قيل، وكان موسى عليه السلام قد صامها
١٠٦
ليهلها ونهارها، أدرك من فمه خلوفاً فاستاك، فأعلمه الله أنه قد افسد ريح فمه، وأمره بصيام عشرة أيام أخرى و- هي عشرة ذي الحجة ليرجع ماأزاله من ذلك، وذلك لأن موسى عليه السلام كان وعد بني إسرائيل - وهو بمصر - أنه إذا أهلك الله عدوهم سأل موسى عليه السلام الكتاب، فامره بصوم ثلاثين يوماً ثم أمره بالعشر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٦


الصفحة التالية
Icon