وأشار إلى حثه على الإجتهاد بقوله :﴿وأصلح﴾ أي كن على ما أنت عليه من إيقاع الإصلاح ولما كان عالما ً بأنه ﷺ مبرأ من السوء غير أن عنده ليناً قال :﴿ولا تتبع﴾ أي تكلف نفسك غير ما طبعت عليه بأن تتبع ﴿سبيل المفسدين*﴾ أي استصلاحاً لهم وخوفاً من تنفيرهم، فاختلفوا عن الطريق كما تفرس فيهم موسى عليه السلام ولم يذكروا عاقبة فلا هم خافوا بطش من بطش بمن كان يسومهم سوء العذاب، ولا هم سمعوا لأخيه في الصلاح، ولا هم انتظروا عشرة أيام، فلا أخف منهم احلاماً ولا أشد على المعاصي إقداماً ولما ذكر سبحانه مواعدته واحتياطه في إصلاح قومه، شرح أمره حال المواعدة وحالهم بعد غيبته فقال :﴿ولما جاء موسى ليمقاتنا﴾ أي عند أول الوقت الذي قدرناه للمناخاة ؛ ولما كان مقام الجلال مهمولاً لا يستطاع وعي الكلام معه، التفت إلى مقام الإكرام فقال :﴿وكلمه﴾ أي من غير واسطه ﴿ربه﴾ أي المحسن إليه بأنواع الإحسان المتفضل على قومه بأنواع الامتنان، والذي سمعه موسى عليه السلام عند أهل السنة من الأشاعرة هو الصفة الأزلية من غير صوت ولا حرف، ولا بعد في ذلك كما لا بعد رؤية ذاته سبحانه وهي ليست بجسم ولا عرض لا جوهر، وليس كمثله شيء وعن ابن عباس رضي الله عنهما اأنه سبحانه كلمه في جميع الميقات وكتب له الألواح، وقيل : إنما كلمه في أول الربيعين، والأول أولى ولما كلمه بصفة الربوبية الناظر إلى العطف واللطف، وكانت الرؤية جائزة، اشتاق إلى الرؤية شوقاً لو يتماللك معه لما استحلاه من لذاذة الخطاب فسألها لعمله أنها جائزة ﴿قال﴾ مسقطاً الأداة كعادة أهل القرب - ﴿رب أرني﴾ أي ذاتك الأقداس بأن ترفع عني الحجاب فتجعلني متمكناً من النظر، وهو معنى قول الحبر ابن عباس : اعطني وحقق أنها رؤية العين بقوله في جواب الأأمر - ﴿أنظر﴾ أي أصوب تحديق العين وأشار إلى عظمته سبحانه وعلة شأنه علو العظمة لا المسافة - بالتعدية بحرف النهاية بحرف النهايةة بعد أن


الصفحة التالية
Icon