ممكن فقال - :﴿فإن استقر مكانه﴾ أي وجد قراره وجوداً تاماً، واشار إلى بعد الرؤية أاايضاً وجلالة المطلوب منها بقوله :﴿فسوف تراني﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿فلما تجلى ربه﴾ أي المحسن إليه بكل عطاء ومنع وبين بتعبيره باللام أنه تجلى قربه وخصوصيته، ولو عبر بعلى مثلاً لكان أمر آخر فقال - :﴿للجبل﴾ أي بأن كشف للجبل عما شاء من حجب عظمته ﴿جعله دكاً﴾ أي مدكوكاً، والدك والدق أخوان ﴿وخر﴾ أي وقع ﴿موسى صعقاً﴾ أي مغشياً عليه مع صوت هائل، فعلم أن معنى الاستدراك أنك لن تثبت لرؤيتي في هذه الدار ولا تعرف ذلك الآن، ولكنك تعرفه بمثال أريكة وهوالجبل، فإن الفاني - كما نقل عن الإمام مالم - لا ينبغي له أن يرى الباقي - ﴿فلما أفاق﴾ أي من غشيته ﴿قال سبحانك﴾ أي تنزيهاً لك عن أن أطلب منك ما لم تأذن فيه ﴿تبت إليك﴾ أي من ذلك ﴿وانا أول المؤمنين*﴾ أي مبادر غاية المبادرة إلى الإيمان بكل ما أخبرت به كل ما تضمنته هذه الآيات، فتعبيره بالإيمان في غاية المناسبة لعدم الرؤية لأن شرط الإيمان أن يكون بالغيب، فقد ورد في نبينا ﷺ آيتان : إحدهما يمكن أن تشير إلى الرؤية بالتعبير بالمسلمين دون المؤمنين في قوله ﴿وأنا أول المسلمين﴾ [المائدة : ١٦٣] والثانية تومي إلى عدمها وهي ﴿آمن الرسول﴾ [البقرة : ٢٨٥] إلى قوله :﴿كل آمن بالله﴾ [البقرة : ٢٨٥] -والله أعلم-، وكل هذا تكيت على قومه وتبكيت لهم في عبادتهم العجل وردع لهم عن ذلك، وتنبيه لهم على ان الإلهية مقرونة بالعظمة والكبر بعيدة جداً عن ذوي الجسام لما يعلم سبحانه من انهم سيكررون عبادة الأصنام، فاثبت للإله الحق الكلام والتردي عن الرؤية بحجاب الكبر والعظمة واندكاك الجبل عند تجليه ونصب الشرع الهادي إلى أقوم تعريضاً بالعجل، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى :﴿ألم يروا انه لا يكلمهم﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon