ولما كان هذا محل عجب، أجاب من يسأل عنه بقوله :﴿ذلك﴾ أي الصرف العظيم الذي زاد عن مطلق الصرف بالعمى عن افيمان واتخاذ الرشاد ﴿كذبوا بآيتنا﴾ أي فلم يعتبروا عظمتها ﴿ولقاء الآخرة﴾ أي ولقائهم إياها أو لقائهم ما وعدوا به فيها، اللازم من التكذيب بالآيات الحامل التصديق بها على معالي الخلاق ﴿حبطت﴾ أي فسدت فسقطت ﴿أعمالهم﴾ والاية من الاحتباك : إثبات الغفلة أولاً يدل على إرداتها ثانياً واللقاء ثانياً يدل على إرادته أولاً ولما كان كانه قيل : لم بطلت ؟ قيل :﴿هل يجزون إلا ما﴾ أي جزاء ما ﴿كانوا يعملون أي بإبطال أعمالهم وإن عملوا كل حسن سوى الإيمان بسبب أنهم أبطلوا الآيات والآخرة بتكذيبهم بها، أي عدوها باطلة، والجزاء من جنس العمل، والحاصل أنهم لما عموا عن الآيات لأنهم لم ينظروا فيها ولا انقادوا مع ما دلت عقولهم عليه من أمرها، بل سدوا باب الفكر فيها ؛ زادهم الله عمى فختم على مداركهم، فصارت لاينتفع بها فصاروا لا يعون، وهذه الآيات أعظم زاجر عن التكبر، فإنها بينت انه يوجب الكفر والإصرار عليه والوهن في جميع الأمور، ولما كان ذلك كله مما يتعجب الموفق من إرتكابه، أعقبه تعالى مبيناً ومصوراً ومحققاً لوقوعه ومقرراً قوله عطفاًُ على {فأتوا على قوم يعكفون﴾ [الأعراف : ١٣٨] مبيناً لإسراعهم في الكفر :﴿واتخذ﴾ أي بغاية الرغبة ﴿قوم موسى﴾ أي باتخاذ السامري ورضاهم، ولم يعتبروا شيئاً مما أتاهم به من تلك الآيات التي لم يررمثلها ﴿من بعده﴾ أي بعد إبطائه عنهم بالعشرة الأيام التي
١١٢


الصفحة التالية
Icon