غضباً لله لقومه، ودل هذا على أن الغضب بلغ منه حداً لم يتمالك معه، وذلك في الله تعالى ﴿واخذ برأس أخيه﴾ أي بشعره ﴿يجره إليه﴾ أي بناء على أنه قصر وإعلاماً لهم بأن الغضب من هذا الغضب من هذا الفعل قد بلغ منه مبلغاً يجل عن الوصف، لأنه اجتثاث للدين من اصله ولما كان هارون عليه السلام غير مقصر في نهيهم، أخذ في إعلام موسى عليه السلام بذلم مخصصاً الأم وإن كان شقيقه - تذكيراً له بالرحم الموجبه للعطف والرقة ولا سيما وهي مؤمنه وقد قاست فيه المخاوف، فاستأنف سبحانه الإخبار عن ذلك بقوله :﴿قال ابن أم﴾ وحذف أداة النداء وياء الإضافة لما يقتضيه الحال من الإيجاز، وفتح الجمهور الميم تشبهاً له بخمسة عشر وعلى حذف الألف المبدلة من ياء لإضافة، وكسر الميم ابن عامر وحمزه والكسائي وأبو بكر عن عاصم بتقدير حذف ياء افضافة تخفيفاً ﴿إن القوم﴾ أي عبدة العجل الذين يعرف قيامهم في الأمور التي يريدونها ﴿استضعفوني﴾ أي ضعيفاً وأوجدوا ضعفي بإرهابهم لي ﴿وكادوا يقتلونني﴾ أي قاربوا ذلك لإنكاري ما فعلوه فسقط عني الوجوب ولما تسبب عن ذلك إطلاقه، خاف أن يمنعه الغضب من ثبات ذلك في ذهنه ةتقرره في قلبه فقال :﴿فلا تشمت بي الأعداء﴾ أي لا تسرهم بما تفعل بي فأكون ملوماً منهم ومنك ؛ ولما استعطفه بالتذكير بالشماته التي هي شماتة به ايضاً، أتبعه ضرراً يخصه فقال :﴿ولا تجعلني﴾ أي بمؤاخذتكلي ﴿مع القوم الظالمين*﴾ أي فنقطعن بعدّك لي معهم وجعلي في زمرتهم عمن أحبه من الصالحين، وتصلنيبمن أبغضه من الفاسدين الذين فعلوا فعل من هو في الظلام، فوضعوا العبادة في غير موضعها من غير شبهة ولا لبس أصلاً ولما تبين له ما هو اللائق بمنصب أخيه الشريف من انه لم يقصر في دعائم إلى الله ولا ونى في نهيهم عن الضلال، ورأىأن ما ظهر من الغضب مرهب لقومه وازرع لهم عما ارتكبوا، دعاء له ولنفسه مع الأعتراف بالعجز وأنه لا يسع أحداً إلا العفو، وساق سبحانه ذلك مساق الجواب


الصفحة التالية
Icon