ولما كان له ولأخيه وهما معصومان من الذنوب، طوى ما يتعلق بالمغفرة وذكر متعلق الرحمة بخلاف ما ياتي في السؤال له وللسبعين من قومه فإنه عكس فيه ذلك ؛ ولما صحت براءة الخليغة، وأشير إلى أنه مع ذلك فقير إلى المغفرة، التفتت النفس إلى المفسدين إلى حال المفسدين فقال مخبراً عن ذلك :﴿إن الذين اتخذوا العجل﴾ أي رغبوا رغبة تامه في أخذهم إلهاً مع المخالفة لما ركز في الفطرة الولى ودعاهم إليه الكليم عليه السلام ﴿سينالهم﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿غضب﴾ أي عقوبة فيها طرد أو إبعاد، ولعله ما أمروا به من قتل أنفسهم، واشار إلى انه فيه رفق بهم وحسن تربية لتوبة من يبقى منهم بقوله :﴿من ربهم﴾ أي الذي لا محسن إليهم غيره، يلحقهم في الدنيا ويتبعهم في الاخرة ﴿وذلة في الحياة الدنيا﴾ أي جزاء لهم على افترائهم وكذلك من رضي فعلهم ولا سيما إن كان من أولادهم كقريظة والنضير واهل خيبر ﴿وكذلك﴾ أي ومثل جزائهم ﴿نجرى المفترين*﴾ أي المعتدين للكذب، وهذا نص في ان كل مفتر ذليل، كما هو المشاهد - وإن أظهر الجراءة بعضهم ولما المصرين علىالمعصية، عطف عليه التائبين ترغباً في مثل حالهم فقال :﴿والذين عملوا السيئات﴾ عبربالعمل إشارة إلى بالعفو وإن أقدموا عليها على علم، وجمع إعلاماً بأنه لا يتعاظمه ذنب وإن عظم وكثر وإن طال زمانه، ولذلك عطف بأداة البعد فقال :﴿ثم تابوا﴾ وحقق الأمر ونفي المجازبقوله :﴿من بعدها﴾ ثم ذكر الأساس الذي لا يقبل عمل لم يبين عليه على وجه يفهم أنه لا فرق بين ان يكون في السيئات ردة أو لا فقال ﴿وآمنوا﴾ ثم أجاب المبتدا بقوله :﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بقبول توبة التائبين لما سيرك من ذلك لأنك بهم رؤوف رحيم ﴿من بعدها﴾ أي التوبة ﴿لغفور﴾ أي محاء لذنوب الئبين عيناً واثر وإن عظمت وكثرت ﴿رحيم*﴾ أي فاعل بهم فعل الرحيم من البر والإكرام واللطف والإنعام، وكأن المصرين هم الذين قتلوا لما أمرهم موسى عليه السلام بقتل أنفسهم، فلما أهلك


الصفحة التالية
Icon