جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٠
ولما أعلم ان رحمته واسعة وقدرته شاملة، وكان ذلك موسعاً للطمع، سبب عن ذلك قوله ذاكراً شرط إتمام تلك الرحمة ترهيباً لمن يتوانى عن تحصيل ذلك الشرط :﴿فسأكتبها﴾ أى اخص بدوامها بوعد لا خلف فيه لجل تمكني بتمام القدرة مما أريد مبتوتاً أمرها بالمتابة ﴿للذين يتقون﴾ أي يوجد لهم هذا الوصف الحامل على كل خير ولا يخلّ بوسعها أن منع
١٢٣
دوامها بعد الإيجاد من غيرهم، فإن الكل لو دخلوا فيها ما ضاقت بهم، فهي في نفسها واسعة ولكني أفعل ما أشاء ولما ذكر نظرهم إلى الخالق بالانتهاء عما عنه والاتئمار بما أمر به، أتبعه النظر إلى الخلائق فقال :﴿ويؤتون الزكاة﴾ ولعله خصها لأن فرضها كان في هذا الميقات كما تقدم في البقرة ولأنها أمانة فيما بين الخلق والخالق كما ان صفات النبي ﷺ التي كتبها لهم وشرط قبول أعمالهم باتباعه كذلك ؛ ثم عمم بذكر ثمرة التقوى فقال مخرجاً لمن يوجد منه ذانك الوصفان في الجملة على غير جهة العموم :﴿والذين هم بآباتنا﴾ أى كلها ﴿يؤمنون﴾ أي يصدقون بالقلب ويقرون باللسان ويعملون تصديقاً لذلك بالأكارن، فلا يكفرون ببعض ويؤمنون ببعض.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٠
ولما كان اليهود ربما ادعوا ذلك ذلك مكابرة، وأضح غاية افيضاح بقوله :﴿الذين يبتغون﴾ أى بغاية جهدهم ﴿الرسول﴾ ولما كان هذا الوصف وحده غير مبين للمراد ولا صريح في الرسالة عن الله ولا في كونه من البشر، قال :﴿النبي﴾ أي الذي يأتيه الوحي من الله فبدأ بالأشراف وثنى بما خصه برسالة الله وكونه من الآدمين لا من الملائكة.


الصفحة التالية
Icon