لك يانبي الله ما خصك الله به! فنظر مغضباً وقال : أوإياي أراد الله بهذا يا ذكي!ما أفدتك إذن البراهين الهندسية، فقلت : يابني الله! فمن أراد الله بهذا ؟ قال : الذي أراد في قوله : هوفيع ميهار فاران، وتفسيره إشارة إلى نبوة وعد بنزولها على جبال فاران، فعرفت أنه يعني المصطفى ﷺ، لأنه المبعوث من جبال فاران وهي جبال مكة، ثم قال : أو ما عملت ان الله لم يبعثني بنسخ شيء من التوارة، وإنما بعثني أذكرهم بها واحيي شرائعها واخلصهم من أهل فلسطين، فلت بلى يابني الله! قال : فأي حاجة بهم إلى أن يوصيهم بقبول نبوة دانيال أو يرميا أو حزقيل ؟ قلت : لا لعمري!فأخذ الكتاب من يدي وانصراف مغضباً فارتعبت لغضبه وازدجرت لموعظته واستيقظت مذعوراً.
قال في كتابه غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود : إن الله يطلق الإخوة على غير بني إسرائيل كما قال في بني العيص بن إسحاق عليه السلام في الجزء الأول من السفر الخامس ما تفسره : أنتم عابرون في تخم إخوتكم بني العيص فإذا كانوا بنوالعيص إخوة لبني إسرائيل لأن العيص وإسرائيل ولدا إسحاق، فكذلك بنو إسماعيل إخوة على غير إبراهيم عليهم السلام، قال : وفي الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة في ذكر البشارة لإبراهيم عليه السلام ما تفسره : وأما في إسماعيل فقد قبلت دعاءك، هاقد باركت فيه واثمره واكثره جداً جداً وقال : إن جداً جداً بلسان العبراني مفسر " بما ماد " وهاتان الكلمتان إذا عددنا حروفها بحساب الجمل كان اثنتين وتسعين، وذلك عدد حساب حروف اسم محمد ﷺ يعني فتعين أن يكون مراداً بها لأنها في البشارة بتكثير إسماعيل عليه السلام، وليس في أولاده من كثره الله به وعدد اسمه هذا العدد غير محمد ﷺ، قال : وإنما جعل ذلك في هذا الموضع ملغزاً، لأنه لو صرح به لبدلته اليهود أو أسقطته من التوراة كما عملوا في غيره-انتهى.


الصفحة التالية
Icon