ولما دل سبحانه ﷺ بأوصاوفه في نفسه وفي الكتب الإلهيه، دل عليه بشريعته فقاال :﴿بأمرهم بالمعروف﴾ أي بكل ما يعرفونه من التوراة والإنجيل وما يعرفونه فيهما أنه ينسخ شرعهم ويأتي من عند الله بهذا المذكور ﴿وينهاهم عن المنكر﴾ أى عن كل ما ينكرونه فيهما، فثبت بذلك رسالته، فأنه لكونه أمياً لا يعرف المعروف والمنكر فيهما إلا وهو صادق عن علام الغيوب، ثم شرع بعد ثبوت رسالته يبين لهم ما في رسالته من المنة عليهم بالتخفيف عنهم بإباحة ما كانوا قد حملوا ثقل تحريمه، فكانوا لا يزالون يعصون الله بانتهاك حرماته والإعراض عن تبعاته فقال :﴿ويحل لهم الطيبات﴾ أي التي كانت حرمت عليهم عقوبة لهم كالشحوم ﴿ويحرم عليهم﴾ وعبر بصيغة الجموع إشارة
١٢٩
إلى أن الخبيث أكثر من الطيب في كل مائي الأصل فقال :﴿الخبائث﴾ أي كل ما يسنخبثه الطبع السليم أو يؤدي إلى الخبث كالخمر المؤدية إلى الإسكار والشى المؤدية إلى النار بعد قبيح العار ﴿وضع عنهم إصرهم﴾ أى ثقلهم الذي كان حمل عليهم فجعلهم لثقلة كالمحبوس الممنوع من الحركة ﴿والأغلال التي كانت عليهم﴾ أي جميع ماحملوهمن الأثقال التي هي لثقلها وكراهة النفوس لها كالغل الذي يجمع اليد إلى العنق فيذهب القوة ﴿فالذين آمنوا به﴾ أى اجدوا بسببه الأمان من التكذيب بشيء من آيات الله ﴿وعزروه﴾ أي منعوه من كل من يرده بسوء وقووا يده تقوية عظيمة على كل من يكيده : قال القاموس : والتعزير : ضرب دون الحد أو هو أشد الضرب، والتفخيم والتعظيم ضد، والإعانة كالعزر والتقوية والنصر - انتهى.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٤


الصفحة التالية
Icon