ولما كان اقرب الفروع الأصلية إليه الرسالة قال :﴿ورسوله﴾ أي لأنه رسوله ؛ ثم وصفه بما دل على قربه فثقال :﴿النبي﴾ أي الذي يخبره بما يريد من الأمور العظيمة غبياً وشهادة، ويعليه عن كل مخلوق بإخباره بإرساله ؛ ولما كان علوه على كل عالم - مع أنه ثم يتعلم من آدمي -أدل شيء على صدقه قال :﴿الأمي﴾ أي الذي هو - مع كونه لا يحسن كتابه ولا قراءة، بل هو على الفطرة الأولى السليمة التي لم يخالطها هوى، ولا دنسها حظ ولا شهوة - بحيث يؤم ويقصد للاقتداء به، لما حوى من علوم الدنيا والآخرة والتخلق باوصاف الكمال ولما أشارة بهذه الصفة إلى أن سبب الإيمان الخلاص من الهوى بالكون على الفطره الأولى، قال منبهاً على وجوب الإيمان به، لكونه أول فاعل لما يدعو إليه :﴿الذي يؤمن بالله﴾ أي لأجل ما يقتضية ذاته سبحانه من التعبد له لما له من العظمة، فكلما تجدد له علم الذات بحسب ترقية في رتب الكمال من رتبة كاملة إلى اكمل منها إلى ما لا نهاية له، جدد له إيماناً بحسبه، لا تعتريه غفلة ولا يخالطه سهو ولا شائبة فتور ﴿وكلماته﴾ كذلك أيضاً، كلما تجدد له علم بصفة منها جدد لها إيماناً، ومنها المعجزات التي جرت على يديه، كل واحدة منها كلمة لأن ظهور بالكمة، كما سمى عيسى عليه السلام كلنة لذلك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٤


الصفحة التالية
Icon