ويراد به من الأمر العظيم - والله الموفق
١٤٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٦
ولما كان كأنه قيل تبيهاً على جلالة هذه الآيات : ؛ انظر كيف فصلنا هذه الآيات هذه التفاصيل الفائقة وأبرزناها في هذه الأساليب الرائقة، قال :﴿وكذلك﴾ أي ومثل ذلك التفصيل البديع الجليل الرفيع ﴿نفصل الآيات﴾ أي كلها لئلا يواقعوا ما لا يليق بجانبنا جهلاً لعدم الدليل ﴿ولعلهم يرجعون*﴾ أي ليكون حالهم حال من يرجى رجوعه عن الضلال إلى ما تدعو إليه الهداة من الكمال عن قرب إن حصلت غفلة فواقعوه، وذلك من أدلة ﴿والذي خبث لا يخرج إلا نكداً﴾ [الأعراف : ٥٨] و﴿ما وجدنا لأكثرهم من عهد﴾ [الأعراف : ١٠٢] و﴿سأصرف عن آياتي﴾ [الأعراف : ١٤٦] ولما ذكر لهم ما أخذ عليهم في كتابهم من الميثاق الخاص الذي انسلخوا منه، واتبعه الميثاق العام الذي قطع بع الأعذار، أتبعها بيان ما يعرفونه من حال من انسلخ من الآيات، فأسقطه الله من ديوان السعداء، فأمره صلىالله عليه وسلم أن يتلو عليهم، لأنه-مع الوفاء بيبكيتهم - من أدلة نبوته الموجبة عليهم اتباعه، فذكره ما وقع له في نبذ العهد والانسلاخ من الميثاق بعد أن كان قد اعطى الآيات وأفرغ عليه من الروح فقال :﴿واتل﴾ أي اقرأ شيئاً بعد شيء ﴿عليهم﴾ أي اليهود وسائر الكفار الخلق كلهم ﴿نبأ الذي﴾ وعظم ما عطاه بمظهر العظمة ولفظ الإيتاء بعد ما عظم خبره بلفظ الإنباء فقال :﴿آتيناه﴾ ولما كان تعالى قد أعطاه من إجاه الدعاء وصحة الرؤيا وغيرذلك مما شاء سبحانه أمراًعظيماً بحيث دله تعالى دلالة لا شك فيها، وكانت الآيات كلها متساوية الأقدام في الدلالة وإن كان بعضها أقوى من بعض، قال تعالى :﴿آياتنا﴾ وهو بلعام من غير شك للسباق واللحاق، وقيل : وهو رجل بعثه موسى عليه السلام إلى ملك مدين فرشاه فتبع دينه فافتتن به الناس، هو أمية بن أبي الصلت الثقفي الذي قال
١٥٠
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٠


الصفحة التالية
Icon