إلى عسكر بني إسرائيل متزينات غير ممتنعات ممن أرادهن، وذلك من الفروع التي هي أخف من باب الأموال، فقد بحتم كذبكم في قولكم ﴿سيغفر لنا﴾ وأنكم لم تتبعوا فيه إلا الهوى كما تبعه بلعام فانظروا ما فعل به ولما كان هذا السياق موهماً لمن لم يرسخ قدمه في الإيمان أن الشيطان له تأثير مستقبل في الإغواء، نفى ذلك غيره على هذا المقام في مظهر العظمة فقال :﴿ولو شئنا﴾ أي أن نرفعه بها على ما لنا من العظمة التي من دنا ساحتها بغير إذن محق ﴿لر فعناه﴾ أي في المنزلة رفعه دائمة ﴿بها﴾ أي الآيات حتى لا يزال عاملاً بها ولما علق الأمر بالمشيئة تنبيهاً على أنها هي السبب الحقيقي وإن ما لم يشأه سبحانه لا يكون، وكان التقدير : ولكنا لم نشأ ذلك وشئنا له الكفر فأخلدناه - إلى آخره، عبر عنه تعليماً للأدب في إسناد الخير إلى الله والشر إلى غيره وإن كان الكل خلقه حفظاً - لعقول الضعفاء من إيهام نقص أو إدخال لبس بقوله مسنداً نقصه إليه :﴿ولكنه أخلد﴾ أي فعل فعل من أوقع الخلد - وهو الدوام - وأوجده ﴿إلى الأرض﴾ أي رمى بنفسه إلى الدنيا رمياً، تهالكاً على ما فيها من الملاذ الحيوانية والشهوات النفسانية ﴿واتبع﴾ أي اتباعاً شديداً ﴿هواه﴾ فأعرض عن التمسك بما آتاه من الله من الآيات مقدماً لداعي نفسه على داعي روحه، لأن القلب الذي هو نتيجتها في عالم المناسبة للعلو ؛ ووجه إلى النفس التي هي العلوي الحيواني الذي هو الأب، وله الذكورة المناسبة للعلو ؛ ووجه إلى النفس التي هي الروح الحيواني التي هي الأم ولها المناسبة للأض بالأنوثة وبأن لم نشأ رفعه بما أعطيناه من الايات، وإنما جعلناه وبالاً عليه، فلا يغتر أحد بما أوتي من المعارف، وما حاز من المفاخر واللطائف، فإن العبرة بالخواتيم، ولنا بعد ذلك أن نفعل ما نشاء ولما كان هذا حاله، تسبب عنه أن قال تعالى :﴿فمثله﴾ أي مع ما أوتى من العلم في اتباعه لمجرد هواه من غير دليل بعد الأمر بمخالفة الهوى {كمثل


الصفحة التالية
Icon