ولما تشاركوا الأنعام بهذه في الغفلة وزادوا عليها، أنتج ذلك قطعاً على طريق الحصر :﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿الغافلون/*﴾ لا الأنعام، فإنها - وإن كانت غافلة عما يراد بها - غير خالدة في العذاب، فلم تشاركهم في العمى والصمم عما ينفعها ولا في الغفلة عن الخسارة الدائمة، فقد أشارت الآية إلى تفصيل الإنسان على الملك كما اقتضيته سورة الزيتون، لأنه جعل في خلقه وسطاً بين الملك الذي هو عقل صرف والحيوان الذي هو شهوة مجردة، فإن غلب عقله كان أعلى بما عالجه من جهاد الشهوات فكان في ﴿أحسن تقويم﴾ [التين : ٥] وإن غلبت شهوته كان اسفل من الحيوان بما أضاع من عقله فكان ﴿أسفل سافلين﴾ [التين : ٥] ولما أنتج هذا أن لهم الأسماء السوأى ولمعبوداتهم أسوأ منها، عطف عليه دفعاً لوهم من يتوهم بالحكم بالضلال والذرء لجهنم مالا يليق، وتنبيهاً على أن الموجب لدخول جهنم الغفلة عن ذكر الله ودعائه - قوله :﴿ولله﴾ أي الملك الأعلى المحيط
١٥٩


الصفحة التالية
Icon