بجميع صفات الكمال وحده ﴿الأسماء﴾ ولما كان الاسم إذالحظت فيه الناسبه كان بمعنى الصفة، أنث في قوله ﴿الحسنى﴾ أي كلها باتصافه دون غيره بصفات الكمال التي كل واحدة منها أحسن شيء وأجمله وتنزهه عن شوائب النقص وسمات الحدث، فكل أفعاله حكمه وإنما كان مختصاً بذلك لأن الأشياءغيره ممكنه لتغيرها، وكل ممكن محتاج وأدنى ما يحتاج إلى مرجح يرجح وجوده، وبذلك نعلم وجود المرجح ونعلم أن ترجيحه على سبيل الصحة والاختيار لا الوجوب، وإلا لدام العالم بدوامه، وبذلك ثبتت قدرته، وتكون أفعاله محمكه ثبت علمه فثبتت حياته وسمعه وبصره وكلامه وإرادته ووحدانية، وإلالوقع التنازع فوقع الخلل، فالعلم بصفاته العلى ليس في درجة واحدة بل مترتباً، وعلم بهذا أن الكمال له لذاته، وأما غيره فكماله به وهو بذاته غرق في بحر الفناء واقع في حضيض النقصان ﴿فادعوه﴾ أي فصفوه وسموه واسألوه ﴿بها﴾ لتنجوا من جهنم وتنالوا كل ما تحمد عاقبته، فإن القلب إذا غفل عن ذكر الله أقبل على الدنيا وشهواتها فوقع في نار الحرص وزمهرير الحرمان ولا يزال في رغبة إلى رغبة حتى لا يبقى له مخلص، وإذا أقبل على الذكر تخلص عن نيران الآفات واستشعر بمعرفة الله حتى تخلص من رق الشهوات فيصير حراً فيسعد بجميع المرادات، وكثرة الأسماء لا تقدح في التوحيد بل تدل على عظيم المسمى ﴿وذروا﴾ أي اتركوا على حالة ذرية ﴿الذين يلحدون﴾ أي يميلون عما حد لهم بزيادة فيشبهوا أو نقص فيعطوا ﴿في أسمائه﴾ أي فيطلقونها على غيره بأن يسموه إلهاً، فليزمهم أن يطلقوا عليه جميع أوصاف الإله.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٨


الصفحة التالية
Icon