ولما كانوا قد ألحفوا في سؤاله ﷺ عنها، وكانت صفة الربوبية المذكورة في الجملة الأولى ربما حملت على سؤاله طمعاً في تعريفها من المحسن إليه، قطع الأطماع بقوله مؤكداً للمعنى :﴿يسئلونك﴾ أي عن الساعة مطلقاً في وقت وقوعها وما يحصل من أمورها ويحدث من شدائدها، أي ويلحفون في سؤالك كلما أخبرتهم أنه لا يعلمها إلا الله ﴿كأنك حفيٌّ﴾ أي عالم بأمرها مستقص مبالغ في السؤال ﴿عنها قل﴾ أي قطعاً لسؤالهم ﴿إنما علمها عند الله﴾ أي الذي له جميع العزة والعظمة والكبرياء فلا يستطاع علم شيء مما عنده إلا بإذنه، ولم يأذن في علمها لأحد من الخلق ﴿ولكن أكثر الناس﴾ أي الذين غلبت عليهمصفة الاضطراب ﴿لايعلمون﴾ أي ليسوا من أهل العلم فهم بالسؤال عنها يستهزئون، ولو كانوا من أهله ما كذبوك، فوقعوا ما لا يعنيهم من السؤال عنها وغيره من أنواع التعنت، وتركوا ما ينجيهم ويغنيهم من المبادرة إلى الإيمان بهذا القرآن خوف انخرام الآجال وهم يهيمون في أدوية الضلال ولما كان علم الغيب ملزوماً لجلب الخير ودفع الضير، وكانت الساعة أدق علم الغيب، أمره بنفي هذا اللازم فينتفي الأعم بانتفائه الأخص، وقدم النفع لأنه أهم إلى النفس، وليس في السياق ما يوجب تأخيره بخلاف ما في سورة يونس عليه السلام، فقال آمراً بإظهار ذل العبودية :﴿قل لا أملك﴾ أي في وقت من الأوقات أصلاً ﴿لنفسي نفعاً﴾ أى شيئاً من جلب النفع قليلاً ولا كثيراً ﴿ولا ضراً﴾ كذلك، فإن قدرتي قاصرة وعلمي قليل، وكل منة كان عبداً كان كذلك ولما كان من المعلوم بل المشاهدة أن كل حيوان يضر وينفع، أعلم أن ذلك إنما هو بالله فقال :﴿إلا ما شاء الله﴾ أي الذي له الأمر كله ولا أمر لأحد سواه أن يقدرني عليه ولما بين لهم بهذا أن سؤالهم عن الساعة وغيرها من المغيبات جهل منهم، لأن حالة واضح في أنه لا يعلم من ذلك إلا ما علمه الله الذي اختص بعلم الغيب، دل عليه بقوله :﴿ولوكنت﴾ أي من ذاتي {أعلم