على قراءة الجماعة، وعلى قراءة نافع وأبي بكر عن عاصم بكسر الشين وإسكان الراء والتنوين التقدير : ذويشرك ﴿فيما آتاهما﴾ أي من القوى بالعبادة والرزق بالنذور ونحوها ولما لم يضر المشركون بالإشراك إلا أنفسهم، سبب عن ذلك قوله :﴿فتعالى الله﴾ أي بما له من صفات الكمال التي ليست لغيره تعالياً كثيرياً، والدليل على إدراة النوعين قوله :﴿عما يشركون*﴾ بالجمع، وكذا ما بعده من عيب عبادة الأصنام ولما ذكر علوه سبحانه، شرع من أوصافه عبارة وإشارة ما يدل على ذلك ويقيم الأدلة على عدم صلاحية ما أشركوا به للشركة بعجزها، بأنها من جملة خلقه ولا تصرف لها تستحق به وجهاً من التعظيم، فقال منكراً على عبادها دالاًعلى أن المراد الشرك الحقيقي، لاما ذكر من قصة إبليس في التسمية بعبد الحارث ونحوه :﴿أيشركون﴾ أي المشركون وأولادهما في العبادة ﴿ما لا يخلق﴾ أي من الأصتنام والطبائع والكواكب وغيرها ﴿شيئاً﴾ أي يوجده من العدم كما يفعل الله الذي أشركوها به ولما كان يلزم أن يكون ما لا يخلق شيئاً مخلوقاً لأنه لا يتكون عاجزاً بغير قادر أوجده صرح به في قوله مجرياً للأوثان مجرى أولي العلم لتنزيلهم منزلتهم في الاعتقاد والعبادة :﴿وهم﴾ ولما كان المصنوع لا يكون صانعاً، اكتفى بالبناء للمفعول فقال :﴿يخلقون*﴾ أي متجدداً خلق أعراضهم وذواتهم وأمثالهم ﴿ولا يستطيعون﴾ أي للمشركين الذين يعبدونها ﴿نصراً﴾ وهو المعونة على العدو، ولعله عبر بصيغة العاقل إشارة إلى أنهم لو كانوا يعقلون، وكانوا بهذه الصفات الخسيسة ما أهلوهم لأن يكونوا أحبابهم فضلاً عن أن يجعلوهم أربابهم ولما كان من لا ينصر غيره قد ينصر نفسه، نفي ذلك بقوله :﴿ولا أنفسهم ينصرون*﴾ أي في وقت من الأوقات عند يصيبهم بسوء، بل عبدتهم يدافعون عنهم ولما تبين من هذا الاستفهام الإنكاري المعجب من حالهم في ضلالهم في أسلوب الغيبة أن من أشركوه ليس فيه نوع قابلية لما أهلوه، فإن المعبود يجب أن يكون


الصفحة التالية
Icon