﴿إلى الهدى﴾ أي إلى الذي يدل الداعي إليه قطعاً، على أن المختلف عنه سيئ المزاح، محتاج إلى العلاج، لكونه تخلف عما لا يتخلف عنه من له نوع صلاح لكونه أشرف الأشياء، فالمختلف عنه راض لنفسه بالدون ﴿لا يتبعوكم﴾ أي في ذلك الهدى الذي دعوتموهم إليه ولم بالغتم في الاستتباع، ولعله عبر بصيغة الافتعال إشارة إلى أنها لا يتصور منها قصد التبع فضلاً عن إيجاده، ثم بين أن ذلك ليس بأمر عارض، بل هو مستمر دائم بقوله مستأنفاً تأكيداً للمعنى :﴿سواء عليكم﴾ ولما كان السواء لا يكون إلا بين أمرين، تشوف السامع إليهما فقال ؛ ﴿أدعوتموهم﴾ أي وجد منكم ذلك الدعاء الذي أشير إلى استمراره، وعبر بالاسمية إشارة إلى أنهم لا يدعونهم في وقت الشدائد، بل يدعون الله فقال :﴿أو انتم صامتون*﴾ أي عن ذلك الدوام على عادتكم في الإعراض عن دعائهم في أوقات الملمات، فالذين دعون معتقديهم في وقت الضرورات أقبح حالاًفي ذلك من المشركين ويجوز أن تكون الآية من الاحتباك، فيكون نظمها : أدعوتموهم مرة أو أنتم داعوهم دائماً أم صَمَتُّمْ عن دعائهم في وقت ما أم أنتم صامتون دائماً عن دعائهم، حاكم في كل هذه الأجوية سواء في عدم الإجابة، لا اختلاف فيه بوجه، دل بالفعل أولاً على حذف مثله ثانياً، وبالاسم ثانياً على حذف مثله أولاً ولما كان اتباع من يدعي أنه أعقل الناس وأبعدهم عن النقائص وأعرقهم في معالي الأخلاق وأرفعهم عن سفسافها لمن هذا سبيله أخزى الخزي وأقبح العار، وكانوا مع العلم بهذا الذي وصفت به - معبوداتهم يفعلون في الإشراك بهم وفي خوفهم ورجائهم ما هو عين الجهل ؛ كرر تبكيهم باتباعهم في أسلوب آخر أوضح مما قبله في تبيين النقائص والتنبيه على المعايب ملجئ إلى الاعتراف أو التصريح بالعناد أو الجنون فقال مؤكداً :﴿إن الذين تدعون﴾ أي أيها المشركون كون دعاء عبادة ملازمين لذلك، أو أنه أطلق الدعاء على العبادة إشارة إلى أنه لا تصح عبادة من ليس فيه قابيلة أن يدعى،