ضره فتغيب عنه فلا يصل إليه بعد من السمع ولما سواها بهم ونفى عنهم ما تقدم، لزم نقصانها عنهم وأنه في الحقيقة مسلوب عنهم لأنهم ليس لهم من ذواتهم إلا العدم، والقدرة فيما يقدرون عليه إنما هي بيد الصانع لهم أشركهم معها، وقال دالاً على ذلك مستأنفاً :﴿قل﴾ أي لهولاءالمشركين ﴿ادعوا شركاءكم﴾ أي هذه التي تقدمت ومها شئتم غيرها، واستعينوا بها في عداوتي.
١٧١
ولما كان هذا تحدياً عظيماً يحق لفاعله التمدح به، نبه عليه بآداة التراخي فقال :﴿ثم كيدون﴾ أي جميعاً أنتم وهم وأنتم أكثر من حصى البطحاء ورمل الفضاء وأنا وحدي، ولما كان المعنى : وعجلوا، عطف بفاء السبب قوله :﴿فلا تنظرون*﴾ أي تمهلون لحظة فما فوقها لئلا تعتلوا في الإنظار بعلة، وعلل عدم المبالاة بكيدهم بقوله بالأديان والأبدان، وقدم الدين إشارة إلى أنه الأهم فقال مؤكداً في مقابلة إنكارهم :﴿إنوليّي﴾ أي ناصري ومتولي جميع أموري ﴿الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال ﴿الذي نزل﴾ أي بحسب التديج متكفلاً بفصل الوقائع ﴿الكتاب﴾ أي الجامع لعلوم الأولين والآخرين وأمر المعاش والمعاد وأحوا ل الداريم وكل ما فيه صلاح من أحوال القلوب وغيرها الذي عجزتم بأجمعكم ومن دعيتم شركته عن معارضة شيء منه ولما تكفل هذا التنزيل بجميع الصفات، وهي الحياة التامه المستلزمه للإدراة والقدرة والعلم والسمع والبصر والكلام، وكان عجزهم عن المعارضة للكتاب دليلاً شهودياً قولياً على كذبهم، أتبع ذلك دلياً آخر شهودياً فعلياً فقال :﴿وهو﴾ أي وحده ﴿يتولى﴾ أي يلي ولاية تامه ﴿الصالحين*﴾ أي كلهم بنصرهم على كل مناو وكفايتهم لكل مهم وقد علمتم ما قدمه في هذه السورة من وقائعه بمن كذب أنبياءه واستهزأ برسله وأنه أنجى كل من والاه، وأهلك جميع من عاداه كمن عدوهم آرلهة، وهو وما بعده وما قبله متلفت إلى قوله تعالى
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٧


الصفحة التالية
Icon