البين وأجدى في الأتباع ﴿فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم﴾ [الأنفال : ١]الآية، ثم ذكروا بما ينبغي لهم يلتزموا فقال تعالى ﴿إنما المؤمنون -إلى قوله : زادتهم إيماناً﴾ [الأنفال : ٢] ثم نبهوا على ان أعراض الدنيا من نفل أو غير لا ينبغي للمؤمن ان يعتمد عليه اعتماداًيدخل عليه ضراراً من الشرك أو التفاتاً إلى غير الله سبحانه بقوله :﴿وعلى ربهم يتوكلون﴾ ثم ذكروا بما وصف به المتقين من الصلاة والإنفاق ثم قال ﴿أولئك هم المؤمنون حقاً﴾ تنبيهاً علىأن من قصر في هذه الأحوال ولم يأت بها على كمالها لم يخرج عن الإيمان ولكن ينزل عن درجة الكمال بحسب تقصيره، وكان في هذا إشعار بعذرهم في كلامهم في الأنفال وأنهم قد كانوا في مطلبهم على حالة من الصواب وشرب من التمسك والأتباع، ولكن اعلى الدرجات ما بين لهم ومنحوه، وأنه الكمال والفوز، ثم نبههم سبحانه بكيفيه أمرهم في الخروج إلى بدر وودهم أن غير ذات الشوكة تكون لهم وهو سبحانه يريهم حسن العاقبة فيما اختاره لهم، فقد كانوا تمنوا لقاء العير، واختاروا ذلك على لقاء العدو ولم يعملوا ما وراء ذلك ﴿ويريد اله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين﴾ [الأنفال : ٧] إلى ما قصه تعالى عليهم من اكتنافهم برحمته وشمول ألطافه وآلائه وبسط نفوسهم ونبههم على ما يثبت يقينهم ويزيد في إيمانهم، ثم أعلم أن الخير كله في التقوى فقال :﴿ياأيها الذين آمنوا غن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً﴾ [الأنفال : ٢٩] الاية، وهذا الفرقان هو الذي حرمه إبليس وبلعام، فكان منهما ما تقدم من اتباع الأهواء القاطعة لهم عن الرحمة، وقد تضمنت الآية حصول خير الدنيا والآخرة بنعمة الاتقاء، ثم أجمل الخيران معاً في قوله ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ [الأنفال : ٢٩] بعد تفصيل ما إليه إسراع المؤمنين من الفرقان والتكفير والغفران، ولم يقع التصريح بخيري الدنيا الخاص بها اقتضاء الآية إياه تنزيهاً للمؤمن في مقام إعطاء الفرقان وتكفير السيئات، والغفران