ودلت أقوال من قال من المؤمنين : إنا لم نتأهت للقاء ذات الشوكة، على ضعف العزائم ؛ ختم الآية بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال ﴿سميع﴾ أي لأقوالكم من الاستعانة في المعونة على النصرة وغيرها ﴿عليم*﴾ أي بعزائمكم وإن لم تتكلموا بها، فهو يجازي المؤمن على حسب إيمانه والكافر على ما يبدي ويخفي من كفرانه، الأمر ﴿ذلكم﴾ العظيم الشأن البعيد المتناول الذي أمركم فيه بأوامره ونهاكم به عن مناهيه وأبلاكم فيه البلاء الحسن، وأراكم بأعينكم توهينه لهذه الطائفة التي قصدتكم وأنتم عندها أكلة جزور وعصفور بين يدي صقور، وبين لكم من علل ذلك وعجائب مقدوره مالم يبق معه عذر لمؤمن، فألزمور طاعته وسابقوا في طاعة رسوله ولا تنظروا في عاقبة شيء مما يأمر به، فإنه ما ينطق عن الهوى بل إنما يأمر عنا، ونحن لم نأمر بشيء إلا بعد تدبيره على أحكم الوجوه وأتقنها ﴿وأنَّ﴾ أي والأمر أيضاً أن ﴿الله﴾ أي الحاوي لجميع صفات العز والعظمة ﴿موهن﴾ أى مضعف إضعافاً شديداً ثابتاً دائماً ابداً ﴿كيد الكافرون*﴾ أى الراسخين في الكفر جميعهم، فلا تهنوا في ابتغاء القوم وإن نالكم قرح فإنا نجعله لكم تطهيراً وللكافرين تدميراً والعاقبة للتقوى، فنطلعكم على عوراتهم ونلقي الرعب في قلوبهم ونفرق كلمتهم وننقص ما أبرموا ولما تضمن ذلك إيقاع الإهانة بالكفار بهذه الوقعة، والوعد بإلزامهم الإهانة فيما يأتي، كان ذلك مفصلاً للالتفات إلى تهديدهم في قالب استجلائهم والاستهزاء بهم وتفخيم أمر المؤمنين فقال :﴿إن تستفتحوا﴾ أي تسأولوا الفتح أيها الكفار بعد هذا اليوم كما استفتحتم في هذه الحزبين في هذه الوقعة عند أخذكم استار الكعبة وقت خروجكم بقولكم : اللهم انصر أهدى الحزبين، وأكرم الجندين، وأعلى الفئتين، وأفضل الدينين، ووقت ترائي الجمعين ؛ بقول أبي جهل : اللهم اقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعلم فأحنه الغداة ؛ أتاكم الفتح كما أتاكم في هذا اليوم ﴿فقد جاءكم﴾ أى في


الصفحة التالية
Icon