وليعذبهم الله إذ هاجرت عنهم ولم يؤمنوا فيستغفروا :﴿وما لهم﴾ قال أبو حيان : الظاهر أن " ما " استفهامية، أي أي شيء لهم في انتفاء العذاب، وهواستفهام معناه التقرير، أى كيف لا يعذبون وهم متصفون بهذه الصفة المقتضية للعذاب وهي صدهم المؤمنين عن المسجد الحرام وليسوا بولاة البيت - انتهى.
وتقدير الكلام : وأيّ حظ لهم في ﴿ألا يعذبهم الله﴾ أي الذي له كمال العز والعظمة على الظالم والإكرام وارفق بالطائع عاجلاً ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم مستحقون للعذاب فهو واقع بهم لا محالة وإن تأخر مدة إبانه وأبطاناً عنهم أوانه وقوعاً ينسيهم ما نالوه من اللذات وإن عظم عندهم شأنها وامتد طويلاً زمانها لأنهم ﴿يصدون﴾ أى يوجدون الصد ﴿عن المسجد﴾ أي من أراد تعظيمه بالصلاة التي وضع المسجد لها وغيرها ﴿الحرام﴾ أي العظيم حرمته عند كل أحد فلا اختصاص به لشخص دون آخر، أي شأنهم فعل حقيقة الصد في الماضي والحال والمآل، لا ينفكون عن ذلك، كما كانوا يمنعون من شاؤوا من دخول البيت ويقولون : نحن ولاته، نفعل ما نشاء، ويصدون المؤمنين عن الطواف به التعذيب والفتنة وصدوا رسول الله عليه وسلم ومن معه بالإخراج ثم صدوهم عام الحديبية عن الوصول إلى البيت وعام القضية عن الإقامة بعد الثلاثة الأيام ﴿وما﴾ أى والحال أنه لم يكن لهم ذلك لأنهم ما ﴿كانوا أولياء﴾ أي أهلاً لولايته بحيث إن صدهم ربما يقع موقعه ؛ روى البخاري في التفسير عن أنس رضي الله عنه قال : قال أبو جهل :﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾ [الأنفال : ٣٢] فنزلت ﴿وما كان الله ليعذبهم﴾ إلى ﴿عن المسجد الحرام﴾ [الأنفال : ٣٣] ولما نفى عنهم الولاية.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١٠


الصفحة التالية
Icon