بصفات الكمال ﴿مع الصابرين*﴾ أي لأنهم يصبرون إلا اعتماداً# عليه، ومن كان معه عز، وهذه الجملة فيها - كما قال الإمام شمس الدين محمد بن قيم الجوزية في آخر كتاب الفروسية المحمدية - تدبير الحروب أحسن جمع على أتم وجه، فأمر فيها بخمسة اشياء ما اجتمعت قط في فئة إلا انتصرت وإن قلت في جنب عدوها، وخامسها ملاك ذلك وقوامه وأسامه وهو الصبر، فعلى هذه الدعائم الخمس تبنى قبة النصر، ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسبه، وإذا اجمتعت قوى بعضها بعضاً وصار لها أثر عظيم، لما اجتمعت في الصحابه رضي الله عنهم لم تقم لهم امة من الأمم، ففتحوا البلاد شرقاً وغرباً ودانت لهم العباد سلماً وحرباً، ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت آل الأمر قليلاً موجبة لتأييد المطيع بقوة من هو في طاعته، وذلك سر قول أبي الدرداء رضي الله عنه الذي رواه البخاري في باب " عمل صالح قبل القتال " : إنما تقاتلون الناس بأعمالكم ؛ وهو شرع قديم، قال في أثناء السفر الخامس من التوارة : وإن أنتم سمعتم قول الله ربكم وتحفظتم وعملتم بكل هذه الوصية التي آمركم بها اليوم يبارك عليكم الله ربكم كما قال لكم، وترزقون إن تفرضوا شعوباً كثيرة ولا تفرضون، وتسلطون على شعوب كثيرة ولا يتسلطون عليكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١٨