ولما استوفى ما كان يقطع به في حق أولئك مما هو من أنفسهم ومما هومن تزيين الشيطان، أبدل منه ما كان يقطع به في حقهم من أهل الجهل بالله وبأيامه الماضية وآثاره عند أوليائه وأعدائه فقال :﴿إذ يقول المنافقون﴾ أي من العرب وبني إسرائيل قولاً يجدونه كل وقت لما لهم فيه من الرغبة ﴿والذين في قلوبهم مرض﴾ أى ممن لم يرسخ الإيمان في قلبه ممن آمن ولم يهاجر أمن اليهود المصارحين بالكفر حين يرون الكفار وقوتهم وكثرتهم والمؤمنين وضعفهم وقتلهم ﴿غرَّ هؤلاء﴾ مشرين إليكم ﴿دينهم﴾ أي في إقدامهم على ما يقطع فيه بهلاكهم ظناً منهم أن الله ناصرهم وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء الف ملوك العرب، فيغيظكم ذلك، فكذبهم الله وصدق أمركم بتوكلكم عليه وصبركم على دينكم ﴿ومن﴾ أي قالوا ذلك عالمين بأنكم متوكلون عليه وصبركم على دينكم ﴿ومن﴾ أي ذلك الذي له الإحاطة الشاملة، فهو يفعل ما يشاء منكم ومن غيركم بشرطه من الإيمان والسعي في الطاعة كما فعلتم فإنه معز ومكرم.