فالمراد المبالغة في الإيقاع بهم لأنهم إذا ضربوا ضربة تفرقوا فيها على غير وجه ولا انتظام علم من شردوا إليه ممن وراءهم انه قد تناهى بهم الذعر فذعر هو فوقع في الشرود قوة أو فعلاً، فعلى قراءة من جعل " من " حرف جر يكون المفعول محذوفاً، والتقدير : أوقع - بما سمعوا أو رأوا من حال هؤلاء حين واجهوك للقتال، وعلى قرلءة من جعلها اسماً موصولاً تكون هي المفعول، فالمعنى : شرد الذين خلفهم من أمكانهم إما بالفعل أو بالقوة بأن تفترق قلوبهم بما تفعل بهولاء فتصير-بما ترى من قبيح حالهم - قابلة للشرود، ويكون اختلاف المعنى بالتبعيض في جعل " من " حرف جر والتعميم في جعلها موصولاً بالنظر إلى القوة أو الفعل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٠
ولما ذكر الحكم، ذكر ثمرته بأداة الترجي إدارة له على الرجاء فقال :﴿لعلهم﴾ أي المشردين والمشرد بهم ﴿يذكرون*﴾ ما يبق من أيام الله فيعلموا أن هذه أفعاله، وهؤلاء رجاله، فينفعهم ذلك فلا ينقضوا عهداً بعده ولقد بهم ﷺ ذلك فإنهم إن كانوا بني قريظة فقد ضربهم ﷺ ضربة لم يفلت منهم مخبر، بل ضرب أعناقهم في حفائر في سوق المدينة وكانوا نحو سبعمائة على دم واحد.


الصفحة التالية
Icon