و لما بين أن ما حرموه ليس بحرام فتقرر ذلك تقريرا نزع من النفوس ما كانت ألفته من خلافه، ومحا من القلوب ما كانت أشربته من ضده كان كأنه قيل فماذا حرم الله الذي ليس التحريم إلا إليه ؟فأمره تعالى بأن يجيبهم عن ذلك ويزيدهم بأنه لم يحرم
٢٧
غيره فقال :﴿قل إنما حرم ربي﴾ أى المحسن إليّ بجعل ديني احسن الديان ﴿الفواحش﴾ أي كل فرد منها وهي ما زاد قبحه ؛ ولما كانت الفاحشة ما يتزايد قبحه فكان ربما ظن أن افسرار بها غير مراد بالنهي قال :﴿ما ظهر منها﴾ بين الناس ﴿وما بطن﴾ ولما كان هذا خاصاً بما عظمت شناعته قال :﴿والإثم﴾ أي مطلق الذنب الذي يوجب الجزاء، فظغن الإثم الذنب والجزاء ؛ ولما كان البغي زائد القبح مخصوصاً بانه من اسرع الذنوب عقوبة خصة بالذكر فقال :﴿والبغي﴾ وهو الاستعلاء على الغير ظلماً، ولكنه لما كان قد يطلق على مطلق الطلب، حقق معناهاالعرفي الشرعي فقال :﴿بغير الحق﴾ أي الكامل الذي ليس فيه شائبة باطل كان بغياً، ولعله يخرج العلو بالحق بالانتصار من الباغي فإنه حق كامل الحقيقة، وتكون تسمية بغياً على طريق المشاكلة تنفيراً - بإدخال تحت اسم البغي - من تعاطيه وندباً إلى العفو كما تقدم مثله في


الصفحة التالية
Icon