﴿ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ﴾ [ النساء : ١٤٨ ] ويمكن أن يكون تقييده تأكيداً لمنعه بأنه لا يتصور إلا موصوفاً بأنه بغير الحق كما قال تخصيصاً وتنصيصاً تنبيهاً على شدة الشناعة :﴿ وأن تشركوا بالله ﴾ أي الذي اختص بصفات الكمال ﴿ ما لم ينزل به سلطاناً ﴾ فإنه لا يوجد ما يسميه أحد شريكاً إلا وهو مما لم ينزل به الله سلطاناً بل ولا حجة به في الواقع ولا برهان، ولعله إنما قيده بذلك إرشاداً إلى أن أصول الدين لا يجوز اعتمادها إلا بقاطع فكيف بأعظمها وهو التوحيد! ولذلك عقبه بقوله :﴿ وأن ﴾ أي وحرم أن ﴿ تقولوا على الله ﴾ أي الذي لا أعظم منه ولا كفوء له و﴿ ما لا تعلمون* ﴾ أي ما ليس لكم به علم بخصوصه ولا هو مستند إلى علم أعم من أن يكون من الأصول أو لا.
ولما تقدم أن الناس فريقان : مهتد وضال، وتكرر ذم الضال باجترائه على الله بفعل ما منعه منه وترك ما أمره به، وكانت العادة المستمرة للملوك أنهم لا يمهلون من تتكرر مخالفته لهم ؛ كان كأنه قيل : فلم يهلك من يخالفه ؟ فقيل وعظاً وتحذيراً : إنهم لا يضرون بذلك إلا أنفسهم، ولا يفعلون شيئاً منه إلا بإرادته، فسواء عندهم بقاؤهم وهلاكهم، إنما يستعجل من يخاف الفوت أو يخشى الضرر، ولهم أجل لا بد من استيفائه، وليس ذلك خاصاً بهم بل ﴿ ولكل أمة أجل ﴾ وهو عطف على ﴿ فيها تحيون وفيها تموتون ﴾ [ الأعراف : ٢٥ ] ﴿ فإذا جاء أجلهم ﴾ ولما كان نظرهم إلى الفسحة في الأجل، وكان قطع رجائهم من من جملة عذابهم، قدمه فقال :﴿ لا يستأخرون ﴾ أي عن الأجل ﴿ ساعة ﴾ عبر بها والمراد أقل ما
٢٨


الصفحة التالية
Icon