ولما كانت الدار لا تصب إلا بحسن الجوار قال :﴿ونزعنا﴾ أي بما لنا من العظمة التي لا يعجزها شيء ﴿ما﴾ كان في الدنيا ﴿في صدورهم من غل﴾ أي ضغينة وحقد وغش من بعضهم على بعض يغل أي يدخل بلطف ألى صميم القلب ومن الغلول، وهو الوصول بالحيلة إلى الذنوب الدقيقة ويقال : غل في الشيء وتغلغل فيه إذا دخل فيه بلطافة كالحب يدخل في صميم الفؤاد، حتى أن صاحب الدرجة السالفة لا يحسد صاحب العاليه ولما كان حسن الجوار لا يلذ إلاّ بطيب القرار باحكام الدار وكان الماء سبب العمارة وطيب المنازل، وكان الجاري من اعم نغعاً وأشد استجلاباً للسرور قال تعالى ﴿تجري من﴾ وأشار إلى علومهم بقوله :﴿تحتهم الأنهار﴾ فلما تمت لهم النعمة بالماء الذي به حياة كل حياة كل شيء فعرف أنه يكون عنه الرياض والشجار وكل ما به حسن الدار، أخبر عن تعاطيهم الشكر لله ولرسوله المستجلب للزيارة بقوله :﴿وقالوا الحمد﴾ الإحاطة بأوصاف الكمال ﴿لله﴾ أي المحيط بكل شيء علماًُ وقدرة لذاته لا لشيءآخر ؛
٣٤


الصفحة التالية
Icon