لأنه ركز في الطباع ان كل ملك لا بد له من عرض جنده ومحاسبتهم، فلما اعرضوا عن ذلك فيما هو من جانب الله عده نسياناً منهم لما ركز في طباعهم ولما كان نسيانهم في بعض الزمان السابق، أدخل الجار فقال ﴿من قبل﴾ أى قبل كشف الغطاء محققين للتصديق ﴿قد جاءت﴾ أي فيما سبق من الدنيا ﴿رسل ربنا﴾ أي المحسن إلينا ﴿بالحق﴾ أي المطايق لهذا الواقع الذي نراه مما كانوا يتوعدوننا بع فما صدقوا حتى رأوا فلم يؤمنوا بالغيب ولا أوقعوا الإيمان في دار العمل فلذا لم ينفعهم ولما وصفوه سبحانه بافحسان لما كشف الحال عنه من حلمه وطول اناته، سببوا لدخولهم في جملة الناس في الشفاعة العظمى لفصل القضاء ؛ ثم سببوا عن ذلك تحقيق كونهم لهم أي بالخصوص فقالوا ﴿فهل لنا من شفعاء﴾ أي في هذا اليوم، وكأنهم جمعوا الشفعاء لدخولهم في جملة الناس في الشفاعة العظمى لفصل القضاء ؛ ثم سببوا عن ذلك تحقيق كونهم لهم أى بالخصوص فقال ﴿فيشفعوا لنا﴾ أي سواء كانوا من شركائنا الذين كنا نتوهم فيهم النفع ظاو من غيرهم ليغفر لنا ما تقدم من الجرائم ﴿أو نرد﴾ أي إن لم يغفر لنا إلى الدنيا التي هي دار العمل، والمعنى أنه لا سبيل لنا إلى الخلاص إلا أحد هذين السببين ؛ ثم سببوا عن جواب هذا الاستفهام الثاني قولهم :﴿فنعمل﴾ أى في الدنيا ﴿غير الذي كنا﴾ أي بجبلاتنا من غير نظر عقلى ﴿نعمل﴾ ولما كان من المعلوم عند من صدق القرآن وعلم مواقع ما فيه من الأخبار أنه لا يكون لهم شيء من ذلك، كانت نتبجة قوله :﴿قد خسروا أنفسهم﴾ أي فلا احد أخسر منهم ﴿وضل﴾ أي غاب وبطل ﴿عنهم ما كانوا﴾ أى جبلة وطبعاً لا يمكنهم الرجوع عنه إلا عند عند رؤية البأس ﴿يفترون﴾ أي يتعمدون في الدنيا من الكذب في امره لقصد العناد للرسل من ادعاء أن الأصنام تشفع لهم ومن غير ذلك من أكاذيبهم ولما كان مدار القرىن على تقرير الأصول الربع التوحيد والنبوة والمعاد والعلم، وطال الكلام في إخباره سبحانه عن أوامره ونواهيه


الصفحة التالية
Icon