الأنهار تجري من تحتهم فاهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين} [الأنعام : ٦] ثم قال تعالى ﴿ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانو به يستهزئون﴾ [الأنعام : ١٠] ثم قال تعالى :﴿قل سيروا في الرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾ [الأنعام : ١١] ثم قال تعالى ﴿ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا﴾ [الأنعام : ٣٤] وقال تعالى ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذتهم بالبأساء والضراء﴾ [الأنعام : ٤٢] وقال تعالى ﴿يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي﴾ [ألانعام : ١٣] فوقعت الإحالة في هذه الآي على الاعتبار بالأمم السالفة وما كان منهم حين حين كذبوا أنبياءهم وهلاك تلك القرون بتكذيبهم وعتوهم وتسلية رسول الله ﷺ بجريان ما جرى له بمن تقدمه مت الرسل ﴿وقد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون﴾ [الأنعام : ٣٣] فاستدعت الأحالة والتسلية بسط أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، والإعلام بصبر الرسل - عليهم السلام - عليهم وتلطفهم في دعائهم، ولم يقع في السور الأربع قبل سورة الأنعام مثل هذه الإحالة والتسلية وقد تكررت في سورة النعام كما تبين بعد انقضاء ما قصد من بيان طريق المتقين أخذاً وتركاً وحال من حاد عن سننهم ممن رامه أو قصده فلم يوفق له ولا أتم له أمله من الفريقين : المستندة للسمع والمعتمدة للنظر، فحاد الأولون بطارئ التغيير والتبديل، وتنكب الآخرون بسوء التناول وقصور الفهام وعلة حيد الفريقين السابقة الأزلية ؛ فلما انقضى أمر هؤلاء وصرف الخطاب إلى تسليته عليه السلام وتثبيت فؤاده بذ كر أحوال الأنبياء مع أممهم وأمر الخلق بالاعتبار بالأمم السالفة، وقدّم لرسول الله ﷺ عند ذكر الأنبياء ﴿أولئك الذين هدى الله فبداهم اقنده﴾ [
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣


الصفحة التالية
Icon