وإعلاء كلمته إلى غير هذا من نعم الله سبحانه عليه، وكان ذلك كله مظنة لتعجيب المرتاب وتوقف الشاك ومثيراً لتحرك
٤١٢
ساكن الحسد من العدو العظيم ما منحه عيه السلام، قال تعالى ﴿أكان لناس عجباً أن أوحينا إلى رجل أن أنذر الناس﴾ إلى قوله :﴿لسحر مبين﴾ ثم قال ﴿إن بكم الله﴾ الآيات، فبين انفراده تعالى بالربوبية والخلق والاختراع والتدبير، فكيف تعترض أفعاله أو يطلع البشر على وجه الحكمة في كل ما يفعله ويبديه، وإذا كان الكل ملكه وخلقه فيفعل في ملكه ما يشاء ويحكم في خلقه بما يريد ﴿ذلكم الله ربكم فاعبدوه﴾ ﴿ما خلق اله ذلك إلا بالحق﴾ ثم توعد سبحانه الغافلين عن التفكر في عظيم آياته حتى ادتهم الغفلة إلى مرتكب سلفهم في العجب والإنكار حتى قالوا ﴿لولا أنزل علينا الملائكة او نرى ربنا﴾ [الفرقان : ٧] وقالوا ﴿قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا﴾ [يس : ١٥] ﴿قالوا انؤمن لبشرين مثلنا﴾ [المؤمنون : ٤٧] ﴿ما هذا إلا رجل يريد ان يصدكم عما كان يعبد آباؤكم﴾ [سبأ : ٤٣] فقال تعالى متوعداً للغافلين ﴿إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا﴾، ثم وعد المعتبرين فقال ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم﴾، وكل هذا بيّن الالتحام جليل الالتئام، تناسجت آي السور-انتهى.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١١
ولما كان كونه من عند الله مع كونه حكيماً - موجباً لقبوله بادئ بدء والسرور به لما تقرر في العقول وجبلت عليه الفطر من أنه تعالى الخالق الرازق كاشف الضر ومدبر الأمر، كان ذلك موضع أن يقال : ما كان حال من تلي عليهم ؟ فقيل : لم يؤمنوا، فقيل : ماشبهتهم ؟ هل قدروا على معارضته والطعن في حكمته ؟ فقيل : لا! بل تعجبوا من إنزاله على محمد ﷺ وليس بأكثرهم مالاً ولا بأقدمهم سناً، فرجع حاصل تعجبهم إلى ما قاله تعالى إنكاراً عليهم.


الصفحة التالية
Icon