ولما كان ذلك مشاهداً لا مرية فيه، وصل به قوله :﴿ما خلق الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم جداً ﴿إلا بالحق﴾ أي خلقاً ملتبساً بالحق الكامل في الحقية لا مرية فيه، فعلم أنه قادر على إيجاد الساعة كذلك إذ لا فرق، وإذا كان خلقه كذلك فكيف يكون أمره الناشئ عنه الخلق غير الخلق بأن يكون من السحر الذي مبناه على التمويه والتخييل الذي هو عين الباطل، أو ما خلقه إلا بسبب إظهار الحق من العدل بين العباد بإعزاز الطائع وإذلال العاصي، فإنه لا نعيم كالانتصار على المعادي والانتقام من المشانئئ، والجعل : وجود ما به يكون الشيء على صفة لم يكن عليها، والشمس : جسم عظيم النور فإنه يكون ضياء النهار ؛ والقمر : جسم نير يبسط نوره على جميع الظاهر من الأرض ويكسفه نور الشمس ؛ والنور : شعاع فيه ما ينافي الظلام ؛ والحساب : عدد يحصل به مقدار الشيء من غيره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٦
ولما كان النظر في هذه الآيات من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى كثير من الاتصاف بقابلية العلم، ختم الآية بقوله :﴿يفصل﴾ أي الله في قراءة ابن كثير وأبيعمرو وحفص عن عاصم بالياء التحية، وبالالتفات إلى أسلوب العظمة تعظيماً للبيان في قراءة الباقين بالنون ﴿الآيت﴾ أي يبين الدلائل الباهرة واحدة في إثر واحدة متفاصلة بياناً شافياً.
ولما كان البيان لمن لا علم له كالعدم، قال :﴿لقوم﴾ أي لهم قوة المحاولة لما يريدون ﴿يعملون﴾ أي لهم هذا الوصف على سبيل التجدد والاستمرار ؛ ولما كانت لهم المعرفة التامة والنظر الثاقب في منازل القمر عدت من الجلي.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٦
ولما اشار سبحانه إلى الاستدلال على فناء العالم بتغيره وإلى القدرة على البعث
٤١٨