ثم يكون مأواهم النار ولا يعجل لهم ما يستحقونه من الشر ﴿ولو يعجل الله للناس الشر﴾ أي ولو يريد عجلة الشرللناس إذا خالفوه او إذا استعجلوه به في نحو قولهم ﴿فأمطر علينا حجارة من السماء﴾ [الأنفال : ٣٢] ودعاء الإنسان على ولده وعبده، مثل استعجالهم أي مثل إرادتهم تعجيل الخير.
وعدل عن أن يقال : ولو يستعجل الله للناس الشر ﴿استعجالهم بالخير﴾ أي يعجل، دفعاً لإيهام النقص بأن من يستعجل الشيء ربما يكون طالباً عجلته من غير لعدم قدرته، وتنبيهاً على أن الأمر ليس إلاّ بيده ﴿لقضي إليهم اجلهم﴾ فإنه إذا أراد شيئاً كان ولم يتخلف أصلاً.
ولما كان التقدير لأن " لو " امتناعه : ولكنه سبحانه لا يفعل ذلك لأنه لا يفوته عادة بل يهمل الظالمين ويدر آباءنا الضراء والسراء، سبب عن قوله :﴿فنذر﴾ أى على أيّ حالة كانت، ووضع موضع الضمير تخصيصاً وتنبيهاً على ما أوجب لهم الإعراض والجرأة قوله :﴿الذين﴾ وأشار بنفي الرجاء إلى نفي الخوف على الوجه الأبلغ فقال :﴿لا يردون لقآنا﴾ أى بعد الموت بهذا الاستدراج على ما لنا من العظمة التي من أمنها كان أضل من الأنعام ﴿في طغيانهم﴾ أى تجاوزهم للحدود تجاوزاً لا يفعله من له ادنى روية ﴿يعمهون﴾ أي يحكم مشيئتنا السابقة في الزل عمياً عن رؤية الآيات صماً عن سماع البينات ؛ والتعجيل : تقديم الشيء على وقته الذي هو أولى به ؛ والشر : ظهور ما فيه الضر، وأصله الإظهار من قولهم : شررت الثوب-إذا اظهرته للشمس، ومنه شرر النار-لظهوره بانتشاره ؛ والطغيان : الغلو في ظلمهم العباد ؛ والعمه، شدةُ الحيرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٠


الصفحة التالية
Icon