إيمانه، والخبيث الصل يعسر إذعانه وتبعد استقامة وإيقانه ﴿والبلد الطيب﴾ أى الذي طابت ارضه فكانت كريمة منتبه ﴿يخرج نباته﴾ أى إذا نزل عليه الماء خروجاً كثيراًُ حسناً سهلاً غزيراً ﴿بإذن﴾ أي بتمكين ﴿ربه﴾ أي المربي له بما هياة له، والذي طاب في الجملة ولم يصل إلى الغاية يخرج له نبات دون ذلك، والخبيث لا يخرج له نبات اصلاً بمنع ربه له ﴿لا يخرج﴾ أي نباته ﴿إلا﴾ أي حال كونه ﴿نكداً﴾ أي قليلاً ضعيف المنفعة، وهو - مع كونه دالاً على أن ذلك ما كان على ما وصف مع استواء الأراضي في الصل واستواء المياه ونسبتها إلى الأفلاك والنجوم إلا بالفاعل المختار - مثل ضربة سبحانه للمؤمن والكافر عند سماعها للذكر من الكتاب والسنة والآية من الاحتباك ولما استوت هذه الآيات على الذروة من بدائع الدلالات، كان السامع جديراً بأن يقول : هل تبين جميع هذه الآيات هذه البيان ؟ فقيل :﴿كذلك﴾ أي نعم، مثل هذا التصريف، وهو الترديد مع اختلاف الأنحاء لا ختلاف الدلالات وإبرازها في قوالب الألفاظ الفائقة والمعاني الرائقة في النظوم المعجزة على وجوه لا تكاد تدخل تحت الحصر :﴿نصرف الآيات﴾ أي كلها ؛ ولما تم ذلك على هذا المنهاج الغريب والمنوال العجيب المذكر بالنعم في اسلوب دال على التفرد وتمام القدرة، كان أنسب الأشياء ختمه بقوله مخصصاً بها المنتفع لأنها بالنسبة إلى غيرهم كأنها لم توجد :﴿لقوم يشكرون﴾ أي يوجد منهم الشكر للنعم وجوداً مستمراً فلا يشركون بل ينتفعون بما أنعم عليهم به وحده في عبادنه وحده، وينظرون بعقولهم أنه أقدرهم بنعمة على ما هم عاجزون عنه، فلا يسلبون عنه شيئاً من قدرته على بعث ولا غيره فإنهم يزعمون أنهم أهل معالي الأخلاق التي منها أنه جزاء التي منها جزاء الإحسان إلا الإحسان ولما طال تهديده سبحانه لمن أصرع على فساده، ولم يرجع عن غيّة وعنادة بمثل مصارع الأولين ومهالك الماضين، ونّوع في هذه الآيات محاسن الدلالات على التوحيد والمعاد


الصفحة التالية
Icon