بوجوه ظاهرة وبينات قاهرة وبراهين قاطعة وحجج ساطعة، ساق سبحانه تلك القصص دليلاً حسياً على أن في الناس الخبيث والطيب مع الكفالة في الدلالة على تمام القدرة والغيرة من الشرك على تلك الحضرة - بتفصيل احوال من سلفت الإشارلة إلى إهلاكهم وبيان مصارعهم وأنه لم تغن عنهم قوتهم شيئاً ولا كثرتهم بقوله تعالى
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥
﴿وكمة من قرية أهلكناه﴾ [الأعراف : ٤] وقوله ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة﴾ [الأعراف : ٣٤] الآية تسلية للنبي ﷺ وتقوية لصاحبي أتباعه بالتنبيه على أن الإعراض
٤٦
عن الآيات ليس من خواص هذه الأمة بلف هي عادة الأمم السالفة، وعلى أن النعم خاصة بالشاكرين، ولذا كانت النقم مقصورة على الكافرين، فقال تعالى ﴿لقد ارسلنا﴾ أب بعظمتنا، وافتتحه بحرف التوقع لما للسامع الفطن من التشوف إلى ذكرر ما تكرر من الإشارة إليه، ولأن اللام المجاب بها القسم المحذمف لا ينطقون بها غالباً إلا مقترنة بقد، لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تاكيداً للجملة المقسم عليها التي هي جوابها فكانت مظنة بمعنى التوقع الذي هو معنى " ق " عند استماع المخاطب كلمة القسم ﴿نوحاً﴾ يعني ابن لمك بم متوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس عليه السلام، وكان عند الإرسال أبن خميسن سنة.
ولما كان إرساله ﷺ قبل القبائل باختلاف اللغات قال :﴿إلى قومه﴾ أي الذين كانوا ملء الأرض كما في حديث الشفاعة في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه، ائتونا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض.


الصفحة التالية
Icon