وفيهم من القوة على القيام بما يريدون ما لا يخفي على من تامل آثارهم وعرف أخبارهم، فإن كانت آثارهم فقد حصل المراد، وإن كانت لمن بعدهم علم - بحكم قياس الاستقرار - انهم أقوى على مثلها وأعلى منها، ولسوق ذلك دليلاً على ما ذكرجاء مجرداً عن ادوات العطف، وهو مع ذلك كله منبه على أن جميع الرسل متطابقون على الدعوة إلى ما دل عليه برهان ﴿إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض﴾ [الأعراف : ٥٤]من التوحيد والصلاح إلى غير ذلك من بحور الدلائل والحجاج المتلاطمة الأمواج - والله الهادي إلى سبيل الرشاد، وكون نوح عليه السلام رسولاً إلىجميع أهل الأرض - لأنهم قومه لوحده لسانهم-لا يقدح في تخصيص نبينا ﷺ بعموم الرسالة، لأن معنى العموم إرساله إلى جميع الأقوام المختلفة باختلاف الألسن وإلى جميع من ينوس من الإنس والجن والملائكة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الصافات لهذا مزيد بيان ولما كان من المقاصد العظيمة الإعلام بان الذي دعا إليه هذا الرسول لم تزل الرسل - على جميعهم أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام - تدعو إليه، وكان نوح أول رسول ذكرت رسالته عقب ذكر إرساله بذكر ما أرسل به بالفاء بقوله ﴿فقال ياقوم﴾ أى فتجيب إليهم بهذه بالإضافة ﴿اعبدوا الله﴾ أي الذي له جميع العظمة من الخلق والمر، فإنه مستحق لذلك وقد كلف عباده به.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥
ولما كان المقصود إفراد بذلك، علل بقوله مؤكداً له بإثبات الجار ﴿ما لكم﴾ وأغرق في النفي فقال :﴿من إله غيره﴾ ثم قال معللاً او مستأنفاً مخوفاً مؤكداً لأجل تكذيبهم :﴿إني أخاف عليكم﴾ في الدنيا ولآخرة، ولعلة قال هنا :{عذاب يوم
٤٧


الصفحة التالية
Icon