عظيم} وفي هود ﴿أليم﴾ [هود : ٢٦] وقال المؤمنون ﴿أفلاتتقون﴾ [المؤمنون : ٢٣] ترتيب السور الثلاث - وإن كان الصحيح انه باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم فلعله جاء على ترتيبها في النزول، لأنها مكيات، وعلى ترتيب مقال نوح عليه السلام لهم فالان لهم أولاً المقال من حيث إنه اوهم أن العظم الموصوف به ﴿اليوم﴾ لا بسبب العذاب بل الأمر آخر، فيصير العذاب مطلقاً يتناول أي عذاب كان ولو قل، فلما تمادى تكذيبهم بين لهم أن عظمه إنما هو من جهة إيلام العذاب الواقع فيه، فلما لجوا في عتوهم قال لهم القادر إذا هدد عند مخالفة غيره له : ألا تفعل ما اقول لك ؟ أي متى خالفت بعد هذا عاجلتك بالعقاب وأنت تعرف قدرتي ولما تم ذلك وكان الحال مقتضياً - مع ما نصب من الألة الواضحة على الوحدانية - لأن يجيبوا بالتصديق، كان كأنه قيل : فبماذا كان جوابهم ؟فقال ﴿قال الملأ﴾ أي الأشراف الذين يملأ العيون مرآهم عظمة، وتتوجه العيون في المحافل إليهم، ولم يصفهم في هذه السورة بالكفر لأن ذلك ادخل في التسلية، لأنها أول سورة قص فيها مثل هذا في ترييب الكتاب، ولأن من آمن به مطلقاً كانوا في جنب من لم يؤمن في غاية القلة، فكيف عند تقييدهم بالشرف! وأكد ذمهم تسلية لهذا النبي الكريم بالتعريف بقربهم منه في النسب بقوله :﴿من قومه﴾ وقابلوا رقته وأدبه بغلطة مؤكداً ما تضمنته من البهتان لأن حالهم مكذب لهم فقالوا ﴿إنا لنراك﴾ أى كل واحد منا يعتقد اعتقاداً هو في الثقة به كالرؤية أنك ﴿في ضلال﴾ أى خطأ وذهاب عن الصواب، هو ظرف لك محيط بك ﴿مبين﴾ أي ظاهر في نفسه حتى كأنه يظهر ذلك لغيره.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥
ولما قذفوه بضلال مقيد بالوضوح، نفي الضلال الذي هو الأعم وبنفية ينتفي كل اخصيّاته بل نفي أقل شيء من الضلال، فقال تعالى مخبراً عنه ﴿قال ياقوم﴾ مجدداً لا ستعطافهم ﴿ليس بي ضلالة﴾ فنفي وحده غير معينة، ولا يصدق ذلك إلا بنفي
٤٨


الصفحة التالية
Icon